للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مراد من قال: إنّ الهمزة فيه للتقرير بما دخله النفى لا بالنفى خ خ.

ولإنكار الفعل صورة أخرى، وهى نحو: أزيدا ضربت أم عمرا؟ لمن يردّد الضرب بينهما.

ــ

قوله: (وهذا مراد من قال: إن الهمزة فيه للتقرير) يعنى أن من قال: إنها للتقرير أراد تقرير ما دخله النفى وهو الله كاف عبده، ومن قال للإنكار أراد إنكار الجملة المنفية، والأول هو معنى قول الزمخشرى: إن الهمزة فى قوله تعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) للتقرير، وما قاله متعين إن كان الخطاب فى ألم تعلم للنبى أو لا أحد من المسلمين، وإن كان الخطاب لجنس الكافر الجاحد لقدرة الله سبحانه وتعالى، فيحتمل أن يقال: الاستفهام للتوبيخ، بمعنى أنهم وبخوا على عدم العلم، وإن كان مع الكافر المعاند بلسانه فقط فيصح أن يكون استفهام إنكار وتكذيب لهم فيما يتضمنه كفرهم من قولهم: إن الله تعالى ليس كذلك، وهذه الاحتمالات الثلاثة فى أن الخطاب للمسلمين أو لأحد من المسلمين أو الجاحدين من مشركى أهل مكة أو المنكرين بألسنتهم وهم اليهود، وهى أقوال ثلاثة حكاها الإمام فيما يعود إليه ضمير: أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ (٢) فالظاهر أن الخطاب فى" ألم تعلم" للواحد من صاحب ذلك الضمير.

قوله: (ولإنكار الفعل صورة أخرى) يعنى: أنه قد يلى الاسم الهمزة، ويكون المنكر الفعل، وذلك بأن يكون الفعل دائرا بين اسمين لا يتجاوزهما، فإذا أنكر وقوعه من أحدهما أو على أحدهما لزم منه إنكار الفعل (كقولك: أزيدا ضربت أم عمرا)؛ حيث لا يمكن ضرب ثالث إذا كان للإنكار، فإنه إنكار لضرب كل منهما، ويلزم من ذلك إنكار الفعل؛ لأن نفى المتعلق نفى للمتعلق؛ ولذلك قال: (لمن يردد الضرب بينهما) يعنى إذا علم أن الضرب لا يتجاوزهما لثالث.

ومنه قوله تعالى: آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ (٣) فإن المقصود إنكار أصل التحريم، وأخرج فى قالب طلب التعيين، وكذلك: آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ (٤) لأنه إذا نفى الفعل عمن لا فاعل له غير المنفى عنه انتفى الفعل من أصله، ويكون استفهام

الإنكار بكم وكيف مثل: كم تدعونى، وكيف تؤذى أباك، ثم استفهام الإنكار على قسمين:


(١) سورة البقرة: ١٠٦.
(٢) سورة البقرة: ١٠٨.
(٣) سورة الأنعام: ١٤٣.
(٤) سورة يونس: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>