فى قولهم: كنا نعبد المسيح ابن الله وإنهم ليقال لهم: كذبتم. (قلت): إما أن يراد كذبتم فى عبادتكم لمسيح موصوف بهذه الصفة أو يكون فهم عنهم أن قولهم: ابن الله بدل أو هو مجاز فلا يلزم أن يكون فى قول الكافرين: المعبود ابن الله، حكمان:
(فإن قلت): قد قدمتم أن الخبر الموصوف يدل على وقوع الصفة بالالتزام، وقد جعلتم الحال يدل على وقوع القيد بالالتزام فاستويا، فكيف فرقتم بينهما؟ (قلت):
المخبر به إذا وصف هو النسبة غير مقيدة بنسبة أخرى ولم يقصد المتكلم الإخبار بالقيد غير أنه ساقه التقييد إليه والمخبر به مع الحال ليس مطلق النسبة، بل هى متصفة بقيدها، وفرق واضح بين أن يقصد المتكلم الإخبار بشئ ويتفق أن ذلك الشئ مقيد فلا يكون ذلك القيد مخبرا به لا التزاما ولا غيره، وبين أن يقصد الإخبار به متصفا بالقيد، ففى الحال وقع الإخبار بالقيد التزاما، وفى الصفة حصل القيد التزاما، ولم يحصل الإخبار به التزاما ولا غيره. (فإن قلت): إذا كان الحال حكما يلزمه أن يكون أحد ركنى الإسناد والفرض أنها ليست كذلك. (قلت): هى حكم تبعى لا استقلالى؛ فلذلك لم لكن ركنا فى الإسناد لفظا، وإن كانت ركنا معنى، وإذا تأملت ما ذكرناه انبسط لك عذر من قال: الحال فيها نسبة تقييدية، وعذر من قال: إن فيها نسبة إسنادية، فكلاهما صحيح، فصحة الأول: باعتبار أنها قيدت نسبة العامل فى صاحبها ولم تنشئ نسبة جديدة، بل زادت قيدا فى النسبة الحاصلة. وصحة
الثانى: باعتبار أنها أسندت القيد، ومن لاحظ الثانى منع أن يكون قوله تعالى: اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ (١) جملة حالية لأنه يلزم أن تكون العداوة مأمورا بها، ومن لاحظ الأول قال: هذه نسبة تقييدية فلا يلزم ذلك، والقولان مذكوران فى الآية الكريمة وها أنا أذكر قاعدة تلخص ما سبق وتقيده وأرجو أن تكون على التحقيق، الأمر بشئ مقيد بشئ فيه أمران:
أحدهما: أصل الفعل الذى توجه الأمر به وهو مأمور به مطابقة بلا إشكال.
والثانى: القيد الذى دلت عليه الحال وهو ثلاثة أقسام:
الأول: أن يكون بعض أنواع الفعل المأمور به مثل: حج مفردا أو حج متمتعا أو حج قارنا، فالإفراد والتمتع والقرآن أنواع للحج فالحال مأمور بها والمأمور به ماهية مركبة