مأمور بكل من جزأيها، وقد صرح بالحج فدل عليه مطابقة والظاهر أن صفة الإفراد مثلا مدلول عليها أيضا بالمطابقة لتصريحه بها، ويحتمل أن يقال: الدلالة عليها تضمن، وهو بعيد.
القسم الثانى: أن لا يكون بعض أنواع الفعل المأمور به، ولكنه من فعل الشخص المأمور، مثل: ادخل مكة محرما، فهو أيضا أمر بثلاثة أشياء: الدخول، والإحرام، والجمع بينهما، ويشهد لذلك قول الفقهاء: لو نذر أن يعتكف صائما أو يصوم معتكفا لزمه الصوم والاعتكاف والجمع بينهما، ولا يعكر عليه قولهم: لو نذر الاعتكاف مصليا أو عكسه لم يلزمه الجمع لأن الجمع وإن نذره الشخص واقتضاه اللفظ لغة فإن الشارع ألغاه؛ لأن أحدهما ليس قربة فى الآخر، بخلاف الصوم والاعتكاف، وهل نقول: الحال فى هذا القسم مقصودة أو هى من ضرورة تحصيل المأمور به على تلك الصفة؟ فيه احتمالان، ويشهد للأول قول الفقهاء: لو نذر أن يعتكف صائما فاعتكف فى رمضان لا يجزيه.
القسم الثالث: أن لا يكون من نوع الفعل ولا من فعل الشخص المأمور، مثل: اضرب الزيدين جالسين فى الدار، فالمأمور به الضرب فقط، ولكنه لا يجزئ إلا إذا كان على تلك الحال، فإذا لم يكن للمأمور قدرة على تحصيل تلك الحال لا يكون مأمورا حتى توجد، وكذلك إذا قلت: اضربهما مجردين، ولم يكن لك قدرة على تجريدهما، فإن كان لك قدرة على تجريدهما وجب، لا لكون التجريد مأمورا به لفظا؛ بل لأنه لا يتم الواجب إلا به، فقد انقسمت الحال كما ترى إلى ما هو مأمور به مطابقة أو تضمنا أو التزاما أو ليس مأمورا به بالكلية، فقوله عز وجل: بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ *
علمنا من خصوص المادة أن الله تعالى لا يأمر بالعداوة فإنها تستلزم وقوع الكفر من الكافر ليأمر المسلم بعداوته أو أمر الكافر بعداوة المسلم على إسلامه وهما ممتنعان، والحمل على أن المراد أن المسلمين فقط أعداء الكفار فقط فى غاية البعد، فإن هذا التركيب إنما يستعمل غالبا فيما استوت أبعاضه فيه، مثل:
بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ * ولا يستعمل ذكر بعضين متقابلين فى كلام على هذا الوجه، وهما مختلفان إلا بقرينة مثل: وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ (١) فلهذا نقول: إن