وأيضا: إما قريب مبتذل، وهو ما ينتقل من المشبّه إلى المشبّه به من غير تدقيق نظر؛ لظهور وجهه فى بادئ الرأى؛ لكونه أمرا جمليّا؛ فإنّ الجملة أسبق إلى النفس.
أو قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبّه به فى الذهن:
ــ
ولا يخفى أيضا من فحوى كلامهم أن المراد بالوصف وصف وقع التشبيه به، أو بلازمه، لا وصف للمشبه، أو
المشبه به لا تعلق له بالتشبيه؛ فلذلك ظهر الموجب لذكر هذا القسم فى قسم المجمل الذى لم يذكر وجهه، ولم يذكر فى قسم ما ذكر وجهه، وهو المفصل؛ لأنه مع ذكر الوجه لا حاجة إلى ذكر الوصف المنبئ عنه، والذى يظهر أن الوصف لأحد الطرفين هو حصته من وجه الشبه، وأن الوجه المذكور ذكر المعنى الكلى الثابت للطرفين.
ص:(وأيضا إما قريب إلى آخره).
(ش): هذا تقسيم ثالث للتشبيه، وهو باعتبار وجه الشبه إما تشبيه قريب أى وهو الممتهن المستعمل للعامة، أو بعيد - أى غريب - مستعمل للخاصة.
(فالقريب ما ينتقل فيه) أى: الذهن (من المشبه إلى المشبه به من غير تدقيق نظر؛ لظهور وجهه فى بادى الرأى) وهو علة لقوله: ينتقل، وذلك الظهور إما أن يكون، لكون وجه الشبه أمرا جمليا، فإن الجملة أسبق إلى النفس والحس، وأظهر عندهما من التفصيل، فإن الشئ يدرك أولا، ثم إذا أمعن النظر، أدرك تفصيله، كما أن إدراك الإنسان من حيث هو شئ ما أو جسم، أو حيوان أسبق إلى الفهم، وأظهر من إدراكه من حيث كل واحد من أجزائه؛ لأن الثانى يشتمل على الأول وزيادة، وكأن مراده بالجملى: إدراك الشئ مجملا، لا مفصلا بمعنى إدراك جنسه، أو صفة صادقة عليه، وعلى غيره، وإما أن يكون ذلك لكون الوجه مفصلا؛ لكونه قليل التفصيل.
(قوله: مع غلبة حضور المشبه به فى الذهن) قال الخطيبى: هو قيد فى نوعى قرب الوجه، أى: إنما يكون قربه، لكونه جمليا مع حضور المشبه به، أو لكونه قليل التفصيل مع حضور المشبه به، ثم قسم حضور المشبه به إلى قسمين: تارة يكون حضوره عند حضور المشبه، لقرب المناسبة بينهما، كتشبيه الجرة الصغيرة بالكوز فى المقدار، والشكل فى قليل التفصيل، وتارة يكون حضور المشبه به فى الذهن غالبا مطلقا أى سواء أكان مع حضور المشبه، أم لا، وحضور الشئ مطلقا يكون لتكرره على الحس.