وقيل: إنها مجاز عقلى بمعنى: أن التصرّف فى أمر عقلىّ لا لغوى؛ لأنها لما لم تطلق على المشبّه، إلا بعد ادّعاء
دخوله فى جنس المشبّه به. كان استعمالها فيما وضعت له؛ ولهذا صحّ التعجّب فى قوله [من الكامل]:
قامت تظلّلنى من الشّمس ... نفس أعزّ علىّ من نفسى
قامت تظلّلنى ومن عجب ... شمس تظلّلنى من الشّمس
ــ
للتحقيق إذ الوضع لأعم منهما. واستدل المصنف فى الإيضاح بأنه لو كان موضوعا للشجاع مطلقا لكان وصفا لا اسم جنس وفيه نظر؛ لأن الخصم يقول: اسم الجنس موضوعه حيوان شجاع، ولعمرى لقد كان المصنف مستغنيا عن الاستدلال على هذا فإنه لا ينازع أحد أن الاستعارة موضوعة فى الأصل لمعناها الأصلى، وأنها ليست موضوعة للأعم، إنما النزاع فى شئ وراء ذلك، كما سنبينه، وإن كان المصنف قصد أن يستوعب الأقسام الممكنة فبقى عليه أن يكون اللفظ موضوعا لكل منهما بالاشتراك وقيل:
الاستعارة مجاز عقلى، بمعنى أن التصرف فيها فى أمر عقلى لا لغوى، لأنها لا تطلق على المشبه إلا بعد ادعاء دخوله فى جنس المشبه به، فلما لم تطلق الاستعارة على المشبه إلا بعد ادعاء دخوله فى جنس المشبه به، كان استعمالها فيما وضعت له فيكون حقيقة لغوية ليس فيها غير نقل الاسم وحده، وليس نقل الاسم المجرد استعارة؛ لأنه لا بلاغة فى مجرد نقل الاسم؛ لأن الأعلام المنقولة نحو:" يزيد، ويشكر" ليست استعارة، فلم يبق إلا أن يكون مجازا عقليا، بمعنى أن العقل جعل حقيقة الأسد أعم من الرجل الشجاع، وأطلقه عليه، فنقل الاسم تبع لنقل المعنى، قالوا: ولذلك صح التعجب فى قول ابن العميد: (١)
قامت تظلّلنى من الشمس ... نفس أعزّ علىّ من نفسى
قامت تظلّلنى ومن عجب ... شمس تظللنى من الشمس
وصح النهى عنه أى عن التعجب فى قوله:
(١) الإيضاح بتحقيقى ص ٢٥٩، المفتاح ص ٣٧١، أسرار البلاغة ج ٢/ ١٦٥، نهاية الإيجاز ص ٢٥٣.