قلتُ: فالشقص الذي فيه الشفعة تتداوله أيد بأثمان مختلفة قبل أن يقوم الشفيع يأخذ بشفعته ثم يقوم، أله أن يستشفعه بأي الأثمان شاء وبأي الصفقات أحب؟
فقال: نعم هو مخير في ذلك؛ فإن أخذ بالصفقة الأولى انتقض ما بعدها، وإن أخذ بالثانية انتقضت الثالثة، وذلك أن الشفعة قضي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للشفيع إن أراده.
قلت: فإن أراد الشفيع أن يجعل بعض هؤلاء المشترين كأنما باع له، ويأخذ لنفسه ما فضل من الأثمان التي وقعت بأكثر من الصفقة التي أخذ بشفعتها، واحتج بأنهم قد باعوا ما كان له أن يأخذه إن شاء، كمثل ما لو أن رجلًا باع مال رجل عدا عليه، فأراد رب المال أن يمضيه ويجيز بيعه.
فقال: ليس ما ضربت مثلا؛ المتعدي باع مال رب المال، فكان المتعدى عليه بالخيار وأصحاب الشقص المستشفع ليس من هذا، إنما باعوا ما كان لهم وما هو منهم، وعليهم ضمانه، وما الشفيع عليهم فيه بالخيار، إن شاء ترك فلهم إذ لم يستشفعه ما باعوا به ثمنًا، ولمن اشتراه شراء، فليس للشفيع أن يأخذ فضلًا في الثمن الذي باعه به صفقة لم يرد أن يأخذها بشفعته، بل هو إذا لم يرد أخذها مجوز لها لمشتريها، فالفضل لمن جوزه له فافهم هذا.