ابن حبيب: سألت مطرفًا عن المرأة تشتكي ضرورة زوجها بها -وهي في البادية - فتسأل السلطان أن يسكنها مع زوجها الحاضرة.
فقال: ليس ذلك لها، لا تشاء إذا امرأة أن ترحل إلى الحاضرة من القرى والبادية إلا قالت ذلك بشكواها، وإن كره زوجها، ولكن السلطان ينهاه عن ضررها وأذاها، فإن عادت بالشكوى وتظاهر ذلك منها نظر؛ فإن كان معه في قريته من يجوز قوله وشهادته أمرهم فتفقدوا أذاه لها وما تشتكي من ضرورته في أحايين ذلك، وعندما يقع الشر بينهم، فإن ظهر لهم أنه المضر بها أو الظالم لها رفعوا ذلك إلى السلطان فزجر وأدب وسجن، وعاقبه بما يرى من الحق، وإن لم يتبين لهم شيء زجرها عن شكواها وردها إلى بر زوجها وطاعته صاغرة.
قال: وإن لم يكن في جوارهم رجال يقبل قولهم في مثل هذا ويستأنيهم السلطان إلى نظرهم وتفقدهم واطلاعهم على حقيقة أمرها وقد تظاهرت شكواها ـ قال السلطان للزوج: لا بد أن تسكن بها في جوار ناس يعلمون ذلك لها، أو أنك غير مؤذ لها، فانظر أين تريد السكني بها. فحيث ما أراد الزوج واختار الموضع الذي يوافقه ولا يضر به في صنعته أمره فسكن بها هنالك ـ وإن كان ذلك في البادية ـ في جوار موضعه وكل جيرته، بمثل ما وصفت لك أولًا، وليس عليه أن يضمه إلى الحاضرة إلا أن لا يجد حوله من البادية من يضمه إليه ويسكنها عندهم وتكون الحاضرة أقرب إليه فيضمها إلى الحاضرة، أو يكون كان في طرف من الحاضرة -وليس حولهم ناس يرضى قولهم ـ أو يكون منفردًا، فإنه يضمه أيضًا إذا