ابن حبيب: وسألت مطرفًا وابن الماجشون عن الشركاء في الأرض بميراث أو غيره، يبيع واحد منهم عرصة أو عرصًا، وبعض أشراكه فيها حاضر، وبعضهم غائب، وبعضهم صغير أو بكر، فيبنيها المشتري، وهو يرى أن البائع إنما باعه حقه وحده، وقد تصير له دون وراثة، أو لا يبنيها وتكون بحالها، حتى قام عليه الحاضر، وقدم الغائب، وتزوجت البكر فطلبوا كلهم حقهم منها.
فقالا لي: إن كانت الأرض بحالها لم تتغير ببناء، وقام الكبار الحضور بحدثان بيعها قبل انقطاع حجتهم بطول حيازتها عنهم، فهم كلهم فيها بمنزلة صغارهم وكبارهم، حضورهم وغيبهم، يخيرون في ثلاثة أشياء إن شاؤوا مضوا وأخذوا أنصباءهم من الثمن وإن شاؤوا أخذوا عوضها فيما بقي من الأرض المشتركة وجعلوا حظ الشريك البائع فيما باع، لأنه يوم أخذ ذلك وباعه إنما أخذه بسبب حظه وسهمه، فلهم أن يسوغوه ذلك إن شاؤوا، ويأخذوا حظوظهم كلها مما بقي من الأرض، وإن شاؤوا أخذوا حظوظهم من الأرض التي باع، ويرجع المشتري على البائع بما ينوب ذلك من الثمن الذي أعطاه، واشتفعوا ما بقي في يد المشتري من نصيب البائع.
قلت: ولا يكون لهم أن يقاسموه الأرض كلها ما باع منها وما لم يبع فإن وقع ما باع منها في سهم البائع مضى للمبتاع، وإن وقع في سهام هؤلاء بطل عن المبتاع ورجع بالثمن كله.
فقال لي: أبي من ذلك مالك، لأن للمبتاع من ذلك سهم البائع إلا أن يشتفع عليه، فليس لهم أن يخرجوه من يده بغير الشفعة.
قلت: فإن كان المبتاع قد بنى العرض وغيرها بالعمارة، وطال زمان حيازته إياها بمحضر هؤلاء الحضور من الشركاء القائمين اليوم؟
قالا: فلا سبيل لهؤلاء الحضور إلى هذا المبتاع فيما في يده، ويرجع حقهم على البائع، يسأل البائع؛ فإن أقر لهم أن حقهم فيه، وأنه إنما باع ما