قلت: ألا ترى القول قول الميت؟ لأنه إنما يقول: بعته نصفها، وأبضعت معه النصف، فنصف الفضل في هذا القول له؟
قال: إنه لو قال هذا القول هكذا كان القول قوله، ولكنه إنما قال: قومتها عليه كلها، وجعلت فضلها بينهما. وهذا لا يكون في البيوع، فمن ادعى في البيع ما لا يجوز، وادعى صاحبه ما يجوز، كان القول قول مدعي الحلال منهما.
ابن حبيب: وسألت عنه أصبغ.
فقال: لست أرى القول قول واحد منهما، ونرى ثمن الجارية التي بيعت به لابنته، ولا شيء سوى أجرته.
ابن حبيب: وقول مطرف في ذلك أحب إلي، وبه أقول.
ابن حبيب: وسألت مطرفًا وابن الماجشون عن رجل هلك وترك ابنين مسلمًا ونصرانيا، فادعى المسلم أن أباه مات مسلمًا، وادعى النصراني أن أباه مات نصرانيا؟
فقالا لي: إن لم يكن للمسلم بينة، وعرف أنه كان نصرانيا فهو للنصراني حتى يقيم المسلم بينة أنه مات مسلمًا، لأن ابنه نصراني، وقد عرف أن أباه كان نصرانيا، فهو كذلك أبدأ حتى يقيم هذا البينة أنه مات على الإسلام، لأنه مدع لإسلام أبيه بعد أن عرف أو أقر أنه كان نصرانيا.
قلت: فإن أقام كل واحد منهما بينة على دعواه؟
قالا: فالمال لأعدلهما بينة، فإن تكافأت في العدالة فالمال بينهما، لأنهما قد استوت فيه حالهما، إذ أقام كل واحد عليه البينة.