وأنه إليه أمر بدفعه وأن هذا كاذب في قوله، وظالم فيما رجع به عليه.
قال لي مطرف: قال مالك: وسواء أقر بأنه أمره أن يدفعها إلى أحد أو لم يقر له بالدفع إلى أحد، القول قوله مع يمينه، والمأمور ضامن.
قلت لمطرف: فلو اجتمعا على الدفع إلى رجل واحد إلا أنهما اختلفا في ذلك؛ قال المأمور: أمرتني بدفع المال إليه عطية منك له وقد فعلت، وقال الآخر: ما أمرتك إلا بتبليغه له قضاء على غير عطية؟
فقال لي: هو مثل الأول سواء؛ القول قول الأمر مع يمينه، والمأمور ضامن، ولا يرجع بالمال على من دفعه إليه لإقراره أنه إنما دفع إليه حقه. قلت: ولا يكون المأمور هاهنا بمقام شاهد؟
قال: لا؛ لأنه غارم، إلا أن يكون لم يدفع المال بعد، فيكون بمقام شاهد يحلف صاحبه الذي يشهد له مع شهادته ويأخذ المال، وإن كان المشهود له غائبًا فلا شهادة لهذا المأمور لأن في شهادته ما يجرحها، وذلك أنه يشهد لنفسه بولاية المال إلى قدومه.
قلت لمطرف: فإن كان المأمور بعد دفعه المال إلى من ذكر معدمًا ـ وقد كذبه الأمر - فجعلت المأمور ضامنًا فلم يجد الأمر عنده ما يأخذ؛ أيأخذ المال من المدفوع إليه لأنه ماله؟
قال: نعم، ذلك له إذا كان المأمور معدمًا به، ثم لا يكون للذي أخذ المال منه أن يرجع به على المأمور الذي دفعه إليه.
قال: وسألت عن ذلك ابن الماجشون، فقال لي مثل قول مطرف، إلا أنه رأى للمأمور أن يرجع بالمال إذا غرمه على من كان دفعه إليه، واحتج بأنه يقول: لم أهب لك شيئًا من عندي، وإنما بلغتك رسالة غيري فإن رجع عن ذلك وكذبني فاردد إلي ما أتيتك به، قال: فأرى ذلك له.
قال: وسألت عن ذلك أصبغ، فقال لي مثل قول مطرف، قال لي: وقد كان ابن القاسم يقول: إذا قال الأمر: أمرتك بدفع المال إلى فلان، وقال المأمور: بل إلى فلان؛ فالقول قول المأمور، لأن الأمر قد أقر له