للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما توفي والد رفاعة قدم هو إلى القاهرة, وانتظم في سلك الطلبة بالجامع الأزهر, في سنة "١٢٢٣هـ" وجَدَّ في الدرس والمطالعة حتى نال من العلم حظًّا محمودًا, ولم يمض بضع سنين حتى صار من طبقة العلماء في اللغة والحديث والفقه, وسائر علوم المنقول والمعقول، وكان في جملة مَنْ تلقَّى عنهم العلم العالم واللغويّ الشاعر الكاتب الشيح: حسين العطار, المتوفى سنة "١٢٥٠هـ" وقد تنبه إلى مخايل ذكائه, وأمرات نجابته, فميزه عن أقرانه, وخصه ببالغ عطفه, وكان يتردد على منزله لينهل من علمه, وينشد توجيهه، ويشترك معه في الاطلاع على الكتب الغربية التي لم تتداولها أيدي علماء الأزهر١.

نبوغه المبكر:

أشرق نبوغُ رفاعةَ وذكاؤُه وهو لدن العود, غَضِّ الصبا, وبدت لذلك علائم ودلائل، فقد أُثِرَ عنه أن أحد الفضلاء المدرسين سأله زمن حضوره بالأزهر, في صحن الأزهر, في جلسة خفيفة, فختم القطر بها ذلك المدرس, وعد ذلك على فضله مع حداثة سنه من أبلغ الدلائل، ومن ذلك الوقت اعترف له وهو ابن عشرين سنة جميع أبناء طبقته, بأنه تلقى راية العلم باليمين٢.

مواهبه وجده:

قضى رفاعة في الدارسة في الأزهر زهاء ثماني سنوات, كان فيها مرموقًا بالأنظار لذكائه وجَدِّه وسلامة ذوقه ودقة فهمه، ولم يكن يلتزم طريقة زملائه الطلاب في مبدأ الطلبة, بل كانت دروسه تتعدد في اليوم الواحد تعددًا زائدًا عن طاقته ووسعه٣.


١ الخطط التوفيقية ج١٣ ص٥٤.
٢ حلية الزمن في مناقب خادم الوطن للسيد صالح مجدي بك.
٣ حلية الزمن في مناقب خادم الوطن للسيد صالح مجدي بك ص٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>