وقد اشتغل في الأزهر بعد تخرجه بتدريس كتبٍ شتى في المنطق والبيان والبديع والعروض والأدب وغير ذلك، وكان سهل الأداء, عذب الأسلوب, فصيح التعبير, قادرًا على تصوير المعنى بطرق مختلفة، يجد الذكي وغيره في درسه نفعًا وإرشادًا وهداية.
ولقد يبلغ به الجد والمثابرة أنه لا يقف على ذلك اليوم والليلة على وقت محدود، فكان ربما عقد الدرس للتلامذة بعد العشاء, أو عند ثلث الليل الأخير, ومكث نحو ثلاث أو أربع ساعات على قديمه في درس اللغة, أو فنون الإدارة والشرائع الإسلامية, والقوانين الأجنبية, وكذلك كان دأبه معهم في تدريس كتب فنون الأدب العالية؛ بحيث أمسى جميعهم في الإنشاء نظمًا ونثرًا أطروفة عصرهم, وتحفة عصرهم، ومع ذلك كان هو بشخصه لا يفتر عن الاشتغال بالترجمة أو التأليف، وكان مجامع الامتحان لا تزهى إلّا به١.
الوظائف التي شغلها:
شغل رفاعة بك كثيرًا من الوظائف العلمية والإدراية، فكان فيها مثلًا رفيعًا للكفاية والجد, ونموذجًا يحتذى في بروز الشخصية ووفرة الإنتاج, وقد عثر صالح بك مجدي صاحب كتاب "حلية الزمن في مناقب خادم الوطن" رفاعة بك على ورقة مختومة سرد فيها رفاعة المناصب التي تقلدها, والأعمال التي اضطلع بها, وذلك أنه عُيِّنَ خطيبا وواعظًا لدى حسن بك المانسترلي, الذي ارتقى فيما بعد رتبة الباشوية, وعين في منصب "الكتخدائية" في عهد المرحوم عباس باشا الأول, وتُوفِيَ في زمن المحروم محمد سعيد باشا, ثم نقل إلى مثل هذه الوظيفة لدى أحمد بك الشكلي, الذي منح رتبة الباشوية فيما بعد, وتوفي في عهد محمد سعيد باشا.