من تصحيحه في أواخر جمادى الآخرة, سنة تسع وسبعين ومائتين وألف، وهو أول كتاب طُبِعَ في مطبعة بولاق, بعد أن صارت ملكًا لعبد الرحمن بك رشدي؛ إذ مَلَّكَها له الخديو محمد سعيد باشا, ويدل على ذلك أن عبد الرحمن رشدي كتب في آخر هذه الحاشية يقول:
"أفقر عباد الله, وأحقر عبيد مولاه, المعترف بالعجز عن شكر ما إليه سيده, يسيد عبد الرحمن بك رشدي, صاحب دار الطباعة المذكورة, وبعد كلام مخاطبًا هذا الكتاب:
"إني قد اتخذتك فألًا ميمون الطائر, وبشرى هي عندي من أعظم البشائر, بما سأحوزه مما يتولى بعدك من أمثالك, وينتشر أثرك من نظرائك وأشكالك, من الكتب النافعة التي لا تزال شمسها بالطبع طالعة".
وممَّا صححه أيضًا كتاب "حاشية الصبان على الأشموني" في النحو, وانتهى من تصحيحه في آخر رجب سنة ستة وثمانين ومائتين وألف, وجاء في الخطبة المذكورة في آخر هذه الحاشية قوله: "ويقول الفقير إلى رحمة المنان, محمد قطة ابن المحروم الشيخ عبد الرحمن".
وكان آخر ما صححه من الكتب, كتاب "الكشاف" للزمخشري؛ إذ توفي في أثناء تصحيحه, فأتمه الشيخ محمد الصباغ, في جمادى سنة ١٢٨١هـ, وجاء في خاتمة الكتاب ما يدل على ذلك؛ إذ يقول الشيخ الصباغ:
"ثم أن تهذيبه وتصحيحه وترصيع جوهره وتنقيحه البعض, بمعرفته خاتمة المحققين, وسيد المدققين, الشيخ محمد قطعة العدويّ -فسح الله تعالى له في قبره, ورزقه في الجنان أكبر مزيد من خيره, والبعض الآخر بمعرفة الفقير إلى الله سبحانه, محمد الصباغ -أسبغ الله عليه نعمه أتم إسباغ, وفاح مسك ختامه- وتَمَّ سلك نظامه أواخر جمادى الثانية من العام المشار إليه في الأبيات الماضية "١٢٨١هـ" من هجرة سيد الكائنات -عليه أزكى صلوات, وأبهى تحيات, ما هبت نسمات, وهدأت حركات".
وللعدويّ غير ذلك كثير من الكتب التي قام عليها بالتصحيح الدقيق؛ فنقَّحَ لغتها, وأصلح خطأها وشفَّعَهَا بما هو كبير النفع من ترجمةٍ أو تقريظٍ.