تخصص في الاستشراق, وجد في التعلم والبحث حتى اعتلّ, ونصح له الأطباء أن يرحل إلى مصر ليستشفي بجوها, فكتب إلى صديق فرنسيٍّ يقال له "فزسنل" كان مقيمًا بمصر, وبينه وبين الدسوقي صلة, حتى أنه يقول عنه: "إنه أريبٌ في لغته, مدل في العربية بمعرفته وفصاحته, حتى أنه شرع معي في عمل شواهد للصحاح, لكنه لم يوفق بإتمامٍ للنجاح.
كتب "لين" إلى "فزسنل" هذا يسأله عن أديبٍ معروفٍ بعنايته للغة وكرم الطبع، فكتب إليه يدله على الدسوقي, وأنه الضالة التي ينشدها, وكان قد سبق أن حضر "لين" إلى مصر وهو في شبابه, سنة "١٨٢٥م" وجعل عنايته أن يدرس اللغة العربية في أهم مصادرها, وأن يدرس أخلاق الشعب المصريّ وعاداته ومظاهر حياته، فتنقل في الأحياء الوطنية, وكتب مشاهداتٍ وتعليقاتٍ, وعرضها على جميعة في "انجلترا" بعد عودته إليها, فاستحسنتها وأشارت بطبعها, ولكنه رأى أنها ناقصةٌ تحتاج إلى الكمال, فعاد مرةً أخرى إلى مصر, سنة ١٨٣٣م, وقضى بها قرابة عامين متنقلًا بين القاهرة والصعيد, للوصول إلى غرضه, واتصل بكبار المصريين, وتردد على الشيخ العروسي, والشيخ العطار, وعكف على ترجمة كتاب "ألف ليلة وليلة".
وقَدِمَ "لين" إلى مصر مرة ثانية في سنة ١٨٤٢م, وأقام بالأحياء الوطنية ليتم ما بدأ, والتقى بالشيخ الدسوقي الصديق الذي يطلبه, والمعين الذي ينشده, وأعد مكتبةً ضخمةً يستعين بها على عمله, واتفق مع الشيخ الدسوقي على برنامج يقيدان به, وهو أن يقرأ كلَّ يومٍ نحو نصف كراسةٍ من شرح متن القاموس, المسمى: "بتاج العروس" للزبيدي, مع البحث الدقيق والدراسة العميقة, ومراجعة ما كان عنده من معتبرات اللغة الصحاح.
ثم يعود "لين" بعد انصراف الدسوقي إلى ترجمة ما فهمه إلى الإنجليزية, فتيسر الترجمة مع القراءة, واستمرا على ذلك سبعة أعوام, أتمَّا فيها تسعة أعشار الكتاب, وكان الدسوقي في طيلة هذه المدة موضع تقدير "لين" وإعجابه.