للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تولَّى الخشاب والصفتي وجمهرة من أدباء الأزهر النهوض بتحرير الوقائع العربية, وبذلوا في العناية بها جهدًا كان من أثره أن ارتقى أسلوبها, واتسع أفقها, فلم تقتصر على نشر الأخبار الرسمية, بل كانت تصوِّر أحيانًا حياة الشعب ونواحي الخير والشر فيه, وتعرض لبعض الحوادث بأسلوب يرتفع عن أسلوب الأخبار, بلغةٍ عربيةٍ فصيحةٍ, إلّا أن فيه شيئًا من السجع, وبدت فيها إذ ذاك محاولةٌ لإنشاء المقالة, أو أدب المقالة.

وفي أوائل ذي القعدة سنة ١٢٥٧هـ, الموافق ديسمبر سنة ١٨٤١م, اتجهت رغبة وليِّ الأمر إلى إصلاح الوقائع, وتبسيط أفقها, فعهد إلى رفاعة رافع بترجمة بعض المواد المحدثة التي تلائم قراءة الوقائع, وإدخال بعض القطع الأدبية, وتهذيب الجريدة وترتيبها بصفة عامة, ويشير السيد صالح مجدي بك, أحد تلامذة رفاعة, إلى أن نظارة الوقائع أحيلت على رفاعة في سنة ١٢٥١هـ-١٨٣٥م, وبقي مشرفًا عليها حتى سنة ١٢٦٧ هـ -١٨٥٠م"١:

وإذ آل إلى رفاعة الإشراف عليها, ومُكِّنَ من رعايتها, جعل اللغة العربية في مكان الصدارة, بدلًا من التركية في صفحاتها الأربع, وعُنِيَ بها عنايةً بالغةً, واستعان بطائفة من المحررين الماهرين, من أمثال: "أحمد فارس الشدياق, والسيد شهاب الدين"٢.

وحملت المقالة الرئيسية في العدد ٦٢٣ جديدًا لم يعهد في الوقائع, كانت هذه المقالة بعنوان: "تمهيد" وقد تحدثت عن السياسة والسياسيين, وعن نظم الحكم؛ الشورى, والفرديّ، وعن الوليد بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز, ثم بَرَّت الوقائع بعهدها, فخصصت في صفحاتها سطورًا لنشر ما له علاقة بالأدب٣, ونشرت في العدد ٦٣٢ طرفًا مما أثر عن ابن خلدون في صناعة


١ حلية الزمن في مناقب خادم الوطن, ص ٢٥، ١٦.
٢ فيليب دي طرازي, ص٣٩، ٥٠.
٣ تاريخ الوقائع المصرية, لإبراهيم عبده, ص١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>