للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون النديم مغاليا كما قيل "لتيمور"، ولكن هذه المغالاة لا تنفي أصل الحادثة، وليس النديم على مكانته الأدبية والاجتماعية بالذي يخلق حادثة مثل هذه لم تكن، ثم يطالع بها قراءة في مجلة كانت تتلقفها الأيدي، وتستشرف لها الأبصار، ويمعن في الادعاء، فيزعم أن المجلس حضره فلان وفلان ممن سماهم بأسمائهم، وممن هم ذو مقام بين الأدباء والشعراء والعلماء، فإنه إن فعل تعرض لخصومه يكذبونه، ويسفهونه وهم كثير وكثير، وعندي أن اتهام الذي سأله تيمور باشا عن القصة فنفاها، أو زعم مغلالاة النديم فيها أخف لدى العقل من اتهام النديم بالكذب والوضع.

هذا وإن زجل النديم بالغ حظا عظيما من الرقة، وسعة الأفق والقدرة على المجاراة، وتصوير العامة في مظاهرهم وحياتهم.

كلماته الجارية مجرى الأمثال:

للنديم كلمات جرت مجرى الأمثال لها روعة البلاغة، وقوة الصوغ وعذوبة النطق ومجاراتها لكلمات الفصحاء من فحول العرب، ومن هذه الكلمات التي تزين الحديث، وينجلي بها الأسلوب، وتشرق في ثنايا ما ينفصح به الأدباء قوله من النثر "أدبك حياتك فطول أو قصر- روحك غذاؤك فأصلح أو أفسد- علمك قدرك فارفع أو اخفض - ترك الحزم يضيع الفرص - بعدك عن الشر مع حب أهله، وقوع فيه - كن حيث صرت تقطع العقبات، وأنت جالس - كل خلاف كذاب - أمرك بيدك، فإذا جذبته فطاوعك تبدد - بين الجد أو الغاية التبصر فاحفظ نصلها - يومك كأمسك فأعد لغدك ما تخيرته منهما - مملكة يسوقها غارق في الشهوات مقبرة تزار، ولا تسكن - إذا طلبت الراحة، فارجع إلى ظهر أبيك - لن للظالم ما تنبه، فإن غفل فاحمل عليه - إذا وصلت الغاية، فقف فورًا كانت أو خذلانا فما بعدهم إلا العدم -

<<  <  ج: ص:  >  >>