وإنك لترى أثر الأزهر واضحا فيما تميز به "سعد" المحامي، فقد نضحت عليه البلاغة، وطلاقة اللسان، ودقة البحث وغزارة المادة، وترتيب المنطق، وتلك من أهم ما يمتاز به الأزهريون، وكان من خصائصه الأمانة والنزاهة اللتان هما من ألزم الصفات لرجل نشأ في ظلال البيئة الدينية.
على أن دراسة الأزهريين، والتفرغ فيها بالتروي، والمثابرة للوصول إلى النتائج، والتقصي الدقيق الذي هو من لوازم الدراسة الأزهرية كان من أقوى الأسباب التي أنجحت "سعدا" في مهنة المحاماة، وجعلته سيد المحامين جميعًا.
سعد القاضي:
ظل "سعد" يزاول المحاماة ثماني سنين، أو تسعا كان فيها المثل الأعلى في الإيمان والبيان، ثم سعى له أستاذه الشيخ "محمد عبده"، فعين "سعد" نائب قاض بمحكمة الاستئناف، وظل يرتقي في مناصب القضاء بما يعد طفرة ووثوبا، وقد ابتهج المحامون والقضاة بتعيين "سعد"، وكان في قضائه كما كان في دفاعه لم تسم إليه ريبة ولم يدنس يوما بظن.
سعد وزير المعارف:
كانت الأفكار مبلبلة والخواطر هائجة، والمصريون يضمرون للإنجليز شرا؛ لأن الإنجليز بدأوا بالشر، وبيتوا لهم أمرًا؛ لأن بني التاميز جاءوا بشيء إمر، وذلك عقب حادث "دنشواي"، واتجهت سياسة الاحتلال إلى تهدئة الخواطر، وتنحية النهم التي اكتنفت النيات البريطانية، وخاصة ما اعتقده المصريون من