للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدب الشيخ المراغي:

شب الشيخ المراغي مفطورًا على حب الأدب مكثرا للاطلاع، والتروي من آثاره، وكان له هوى بالشعر، غير أن شيئا منه لم يؤثر عنه، وكثيرًا ما استظهر من الشعر خاصة لزوميات أبي العلاء.

وكان خطيبًا بارع الحجة، حسن الأداء، متزنًا في إلقائه، فصيحًا في عبارته، إذا دعاه الموقف إلى ارتجال أحسنه، وإن أعد القول في المواقف الرسمية كان مجيدا مبدعا، وهو متخير اللفظ مشرق البيان في كل حال، وكانت له في خطبة سطوة وجزالة وهيمنة، وطالما نمت عن روح العزة المائلة في نفسه، والزعامة التي كان لها أهلًا، والحق أنه أعاد للخطابة الدينية مجدها الذي أسس الإمام "محمد عبده" بناءه، وشيد دعامته.

وهو أول من ألقى هذه الدروس الدينية بين يدي الملك الشاب، فجاءت آية في لفظها وأسلوبها وتصويرها، لم تكن علما جافا ولا موعظة خالصة، بل كانت نماذج الأدب الرفيع، وإنه ليروقك منها تسلسلها واطرادها، وجميعها بين أدب القرآن والأدب النبوي، وبين أدب العرب الذي يتمثل به والعلم الحديث الذي يمزج به علم الدين.

هذا إلى عذوبة صوته واتئاد خطاه، وروحه المشرف على السامعين المتخطي مجلسه إلى الشرق والمسلمين جميعًا.

أما كتابته فتكاد تبلغ أعلى طبقات الكتابة، حسن ديباجة وجمال عبارة، وإشراق معنى وحسن سبك، كان إذا كتب لا يتعاظل ولا يلتوي، ولا يحاول أن ينهج نهج الساجعين المتكلفين، وكثيرا ما يتمثل بالشعر العربي الرصين في مواطن من كتابته.

وإذا تناول بحثا علميا لم يخضعه أسلوب العلم لجفوته، ولم يبعد به عن روعة البيان، وصفاء العبارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>