للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حضرات السادة الأعزاء:

أحمد الله جل شأنه على ما أولانيه من الكرامة بهذه المنزلة في نفوسكم، وأشكر لحضرات الداعين المختلفين برهم وكرمهم، وعاطفة الحب الفياض البادية في قولهم وفعلهم، وفي شعرهم ونثرهم، ولحضرات المدعوين وتشريفهم، واحتمالهم مشقة الحضور الذي أعربوا به عن عطفهم وحبهم.

ويسهل على قبول هذه المهن كلها، واحتمالهم إذا أذنتم لي في صرف هذه الحفاوة البالغة عن شخصي الضعيف، واعتبارها كلها موجهة إلى الأزهر الشريف الذي تجلونه جميعا، وتعتبرونه بحق شيخ المعاهد الدينية الإسلامية في مصر وغيرها من البلاد.

ولئن دل هذا الاجتماع بالقصد الأول على غرض التكريم، لقد دل بالإشارة، والتبع على معان أسمى من غرض التكريم.

دل على أن الأزهر خرج عن عزلته التي طال أمدها، ونهض يشارك الأمة في الحياة العامة وملابساتها، وعزم على الاتصال بها ليفيد ويستفيد، وهذه ظاهرة من ظواهر تغير الاتجاه الفكري الذي نشأ عن تغير طرائق التعليم فيه، وعن شعوره بأن في الحياة معارف غير معارفه القديمة، يجب أن تدرس وتعرف، وطرائق للتعليم يجب أن تحتذى، ويهتدى بها.

ومن الحق أيها السادة علينا ألا ننسى في هذه المناسبة، والحديث عن الأزهر والأزهريين -ذلك الكوكب الذي انبثق منه النور الذي نهتدي به في حياة الأزهر العامة، ويهتدي به علماء الأقطار الإسلامية في فهم روح الإسلام وتعاليمه، وذلك الرجل الذي نشر الحياة العلمية، والنشاط الفكري، ووضح المنهج الواضح لتفسير القرآن الكريم، وعبد الطريق لتذوق أسرار العربية وجمالها، وصاح بالناس يذكرهم بأن العظمة، والمجد لا يبنيان إلا على العلم والتقوى، ومكارم الأخلاق، ذلك الرجل الذي لم تعرفه مصر إلا بعد أن فقدته، ولم تقدره إلا بعد أن أمعن في التاريخ، ذلك هو الأستاذ الإمام

<<  <  ج: ص:  >  >>