للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حلقات بني النعمان:

ثم توالت بعد ذلك حلقات بني النعمان بالأزهر, وكانوا من فضلاء علماء المغرب الذين اصطفتهم الخلافة الفاطمية, وجعلتهم دعامتها وألسنتها الروحية, وكانت حلقات أولئك المغاربة العلماء بالأزهر حلقات دعاية دينية سياسية, يعمرها في أغلب الأحيان الأكابر والخاصة.

وفي مستهلِّ عهد العزيز بالله, حدث حادثٌ مدرسيٌّ آخر بالجامع الأزهر؛ ففي رمضان سنة "٣٦٩هـ-٩٨٠م" جلس يعقوب بن كلس, وزير المعز لدين الله والعزيز من بعده بالجامع الأزهر, وقرأ على الناس كتابًا ألفه في الفقه الشيعيّ على المذهب الإسماعيلي, ضَمَّنَهُ ما سمعه في ذلك من المعز لدين الله وولده العزيز, وهو المعروف بالرسالة الوزيرية, نسبةً إلى مؤلفها الوزير، وكان يجلس ليقرأه بنفسه على المستمعين؛ خاصَّتهم وعامَّتهم, ويسعى لدرسه جُلَّةُ الفقهاء والعلماء والقضاة والأدباء وأكابر القصر والدولة, وأفتى الناس يومئذ بما فيه١.

وابن كلس, هو أول من فكَّر في رسم الخطة الجامعية للأزهر؛ ففي سنة "٣٧٨هـ-٩٨٠م" استأذن الخليفة العزيز بالله أن يعين بالأزهر فريقًا من الفقهاء؛ للقراء والدرس, يحضرون مجلسه, ويلازمونه, يعقدون مجالسهم به عصر كل جمعة بعد الصلاة, وكان عددهم سبعةً وثلاثين فقيهًا, ورئيسهم والمشرف على حلقتهم الفقيه: أبو يعقوب, وكان جُلُّ حديثهم في الفقه, وما له به صلة.

وقد رتَّب العزيز لهم مالًا, وأنشأ دارًا يسكنونها بجوار الأزهر, كما رتَّبَ لهم ابن كلس أيضًا رزقًا من ماله حثًّا وتشجيعًا.


١ الخطط التوفيقية جـ٤ ص٥٧, وابن خلكان جـ٢ ص٤٤١, والإشارة إلى من نال المزارة لأمين الصيرفيّ ص٢٣.
نبذة عن ابن كلس:
وزير المعز لدين الله الفاطميِّ - اجتمع له مجد العلم والسياسة, وكان نصيرًا قويًّا للأدباء والعلماء, يعقد مجالسه الفقهية والأدبية تارةً بالجامع الأزهر, وتارةً بداره الخاصَّة, فيتوافد إليه رؤوس العلماء والأدباء والطلاب من كل حدبٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>