حياتهم في الأزهر، ولم يتموها في غيره كما اتبعنا هذه الطريقة، وسنتبعها في الكلام عن نابغي الأزهر في كل الأطوار الأدبية، فلا تتكلم عن فريق بدأ تثقيفة في الأزهر، ثم أتمه في دار العلوم أو مدرسة القضاء الشرعي، أو الجامعة المصرية حتى لا يوجد مجال لمنكر فضل الأزهر على النهضة، فيزعم أن نبوغه الأدبي إنما تواشي له من هذه السبيل، وإن كانت جميع هذه الهيئات الثقافية قد استمدت من الأزهر أدبها، واستعانت في مستهل نشأتها بأساتذة الأزهر وطلابه، وطريقته وكتبه أي أنها أول نشأتها كانت قسما من الأزهر أقيم في مكان غير مكانه، بعنون غير عنوانه.
ارتقت الكتابة الديوانية، والنثر بأنواعه المختلفة بجهود الأزهريين، ونبوغهم وسنختار طائفة من أشهر الأدباء الأزهر الذين سمت بهم هذه الآداب، وكانوا فيها أفذاذا، سنترجم لأشهرهم ونبين طرفًا من حياتهم، وندرس أدبهم في شيء من البسط، ولا تسرف في الإسهاب، والإطالة حتى لا تمل ونسئم.
وقد عرجنا في حديثنا عن الصحف العربية من أوائل هذه النهضة على مجهود الأزهريين، وما بذلوه في سبيل حياتها، والنهوض برسالتها وترجمنا لأدباء الأزهر الكتاب الذين كانت أبرز مواهبهم في الأدب، وأظهر آثارهم فيه في ميدان الصحف.
أما من عدا الكتاب الأزهريين الصحفيين، فسنتناولهم واحدا فواحدا مراعيين في الكلام عنهم تاريخ وفاتهم -وها هم أولاء.