للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثاره:

الجبرتي مؤرخ العصر ومدون أحداثه، ومسجل ما وقع فيه من اضطرابات سياسية، وفتن داخلية يشرح ذلك شرح محقق اطلع عليه وسمع به، فروايته رواية عليم، وحديثه حديث مكابد، ولقد مكن بتاريخه من إثبات ما يتصل بهذا العصر إثباتا لا شك فيه، ولا عناء في الحصول عليه.

ويعتبر كتابه عجائب الآثار من أوفى المراجع لكثير من أدباء العصر، وعلمائه ولا سيما الأزهريين الذين خالط الكثير منهم، واتفقت له بمعاصرتهم، ومشاهدتهم دراسة أحوالهم ودراية شئونهم.

وفي الكتاب كثير من آثار العلماء والأدباء والشعراء، وجمهرة من النثر والشعر يذكرها عقب ترجمته لهم، ويوافيك بها مقرونة بالحادث الذي قيلت فيه، ووردت بصدده -فهو كتاب أدب وتاريخ معا.

ويحدث الجبرتي عما لقيه من الجهد في تدوين هذا الكتاب، واستيعاب حوادثه فيقول: "إني كنت سودت أوراقا في حوادث القرن الثاني عشر "الهجري"، وأوائل الثالث عشر الذي نحن فيه جمعت فيها بعض وقائع إجمالية، وأخرى محققة تفصيلية، وغالبها محن مما أدركناها، وأمور شاهدناها، واستطردت في ضمن ذلك إلى سوابق سمعتها، ومن أفواه الشيخة تلقيتها، وبعض تراجم الأعيان المشهورين من العلماء، والأمراء المعتبرين وذكر لمع من أخبارهم، وأحوالهم وبعض تواريخ ميلادهم، ووفياتهم".

ولما عزم على جمع ما كان قد سوده أراد أن يصله بشيء مما قبله، فعز عليه إلا بعض كراسات سودها بعض العامة من الأجناد على اختلاف ترتيبها، وركاكة تركيبها، ونقص في وقائعها، وكان قد ظفر بتاريخ من تلك الفروع، ولكنه على نسق في الجملة مطبوع لشخص يقال له: "أحمد جلبي" بن "عبد الغني" يبتدئ فيه من وقت تملك بني عثمان الديار المصرية، وينتهي كغيره إلى خمسين ومائة وألف هجرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>