فإنه يتأنق في كتابته ويشمر في تحريره، وهو إذ ذاك مجار عصره في السجع غالبا يتخير لفظه، ويجود في تعبيره، فتراه إذ ذاك "مسلوكا في أعيان الكتاب والشعراء"، وترى له في كلا البابين البدائع بالنسبة لعصره١، وقد يترك السجع، ويرسل الكلام إرسالا لا صنعة فيه، فيكون أسلوبه ضعيفا لا أثر فيه لاجتهاد، أو تجويد.
وهو حين لا يعني فيما يكتبه بالأسلوب، ولا يحرص على التأنق، وحسن العبارة تراه ركيك التعبير مختل الأسلوب نازل التركيب يهبط إلى العامية حتى ليكتب بها غير مهذب لها، أو متحاش طريقها.
وإذا شفع له في بعض الأحيان أنه ينقل عن العوام، ومن ألسنتهم أحداثا بتعبيرهم، وتصويرا بعاميتهم، ومقالات شافهوا بها، وكان في قدرته أن يعبر بأسلوب عربي رصين -فليس من السائغ له أن يطرد ذلك في كتابته، وأن يمثل الجمهرة العظمى من أسلوبه.
نماذج من كتابته:
مما كتبه عن الأمير "مراد بك محمد":
...... وحظي عنده كل جريء غشوم عسوف ذميم ظلوم، فانقلبت أوضاعهم، وتبدلت طباعهم، وشرهت نفوسهم، وعلت رءوسهم فتناظروا وتفاخروا وطمعوا في أستاذهم، وشمخت آنافهم عليه، وأغاروا حتى على ما في يديه، واشتهر بالكرم والعطاء فقصده الراغبون، وامتدحه الشعراء والغاوون، وأخذ الشيء من غير حقه، وأعطاه لغير مستحقه، كما قال القائل:
وإنما خطرات من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلا ولا كرما
ثم لما ضاق المسلك، ورأى أن رضا الناس غاية لا تدرك، أخذ يتحجب عن الناس، فعظم فيه الهاجس والوسواس، وكان يغلب على طبعه