وما زال كذلك حركة دائبة في الإصلاح، وآية فذة في العلم والأدب حتى قبض رحمه الله في يوم الجمعة السابع عشر من مايو سنة ١٩١٨ على أثر نوبة قلبية لم تملهه، وقد نقل جثمانه من الرحمانية إلى القاهرة في حفل رهيب سعى إليه سعد زغلول، وعلماء الأمة وعظماؤها، وأدباؤها وكبراؤها.
أخلاقه:
هذا وقد كان رحمه الله أبلغ الأمثال في الإباء، والاعتزاز بالكرامة رحيما يرثي للمنكوبين، ويغدق خفيه على المعوزين، ويسعى لقضاء مصالح الناس، فلا ترد له كلمة ولا تنتكس له شفاعة، ويؤثر غيره على نفسه، ولو كان به خصاصة ويقدم سواه فيما هو أهل له، رجا صديقه الإمام، وسعدا يوما ما في تعيين بعض الأصدقاء، وقد توسط به من منصب كبير، قال له الإمام: إنني "وسعدا" ندخر هذا المنصب لك، وأنت أجدر الناس به، فقال: لا، لن أقبله إنما هو لصاحبي فقد أعطيته كلمة.
وبلغ من الرثاء للمحتاجين البائسين أنه كان يجمع من كثير من الأغنياء صدقة يوزعها عليهم ترفيها عنهم.
كتابته:
اشتغل رحمه الله بالكتابة والتحرير في الصحف، وهو يطلب العلم في الأزهر، وبكر صيته بالكتابة الأدبية القيمة التي نشرها في "الوقائع المصرية" و"المقطم"، و"الجريدة" و"الآداب"، و"المؤيد"، وغيرها من الصحف.