للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كتاب "التعليم العام في مصر" ما يفيد أن العلوم التي كانت تدرس غالبًا في الأزهر حتى منتصف القرن التاسع الهجريّ "الخامس عشر الميلاديّ" هي الآداب والفقه والتوحيد, وكانت تدرس بصفة استثنائية علوم الفلك والعوم الرياضية والطبيعة والتجريبية إجمالًا.

ولقد أخذ القول بحرمة بعض العلوم العقلية يقرب شيئًا فشيئًا إلى الأزهر, كغيره من الجوامع الإسلامية, فتلقص ظل هذه العلوم, وأصبح الأزهريون ينظرون إلى العلوم الرياضية والجغرافية والفلسفية نظر السخط والبغضاء, حتى قال المرحوم مبارك "وينهى أهل الأزهر من يقرأ كتب الفلسفة, ويشنّون عليه الغارة, وربما نسبوه إلى الكفر" فعلوا ذلك مع جميع من اشتهر عنهم الاشتغال بهذه العلوم, وخاصَّةً مع السيد جمال الدين الأفغاني.

ثم رأى ولاة الأمور أن يعيدوا إلى الأزهر دراسة هذه العلوم تدريجيًّا, فاستأنسوا برأي فريق من علمائه, فصدرت الفتاوى التي تبيح أن يدرس في الأزهر علوم الرياضة والجغرافية والطب, وأباحت أيضًا دراسة الطبيعيات, على شرط أن يكون البحث "على طريق أهل الشرع" أما إن كان على طريقة الفلاسفة, فالاشتغال بها حرام؛ لأنه يؤدي للوقوع في العقائد المخالفة للشرع, كما أفاد ابن حجر, نعم يظهر تجويزه لكامل القريحة الممارس للكتاب والسنة للأمن عليه مما ذكر -وقد جوّز بعضهم تعليمه مطلقًا, كما حرمه بعضهم مطلقًا- وأما علم الكيمياء, فقد أباحت الفتوى دراسته بدون تعرضٍ لما يخشى منه على العقيدة الإسلامية١.

وفي عهد الخديوي عباس الثاني, صدر الأمر المؤرخ في ٢٠ من المحرم سنة ١٣١٤هـ بتدريس بعض هذه العلوم في الأزهر, فأصبحت العلوم التي تدرس فيه شاملةً للعلوم الدينية, وبعض العلوم الدنيوية, وغيرها من العلوم الجليلة


١ انظر ص٢٦ رسالة الأزهر لمصطفى بيرم, والفتوى التي أصدرها إذ ذاك مفتي الديار المصرية, بتاريخ ١٧ ذي الحجة سنة ١٣٠٥هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>