البقاء في بعد اليوم قالت: ولماذا؟ قال: لأن زوجتي قادمة إليه، وربما كانت لا تحب أن ترى فيه من يزعجها وجوده.
...... ثم سقطت على يده تقبلها، وتبللها بدموعها، وتقول: -ها أنذا "يا جلبرت" جاثية تحت قدميك فارحمني، واغفر لي ذنبي فقد أصبحت امرأة بائسة شقيقة ليس على وجه الأرض من هو أحق بالرحمة مني، وكأنما أحس بنغمة صوتها فارتعد قليلا، ثم مال بنظره إليها شيئا فشيئا، حتى رآها فسقطت من جفنه دمعة حارة على يدها كانت هي آخر عهده بالحياة وقضى.
ولما دنا مني السياق تعرضت ... إلي ودوني من تعرضها شغل
أتت وحياض الموت بيني وبينها ... وجادت يوصلي حين لا ينفع الوصل
ومما كتبه بعنوان "الشرف".
لو فهم الناس معنى الشرف لأصبحوا كلهم شرفاء -ما من عامل يعمل في هذه الحياة إلا وهو يطلب في عمله الشرف الذي يتصوره، أو يتصوره الناس إلا أنه تارة يخطئ مكانه، وتارة يصيب- يقتل القاتل، وفي اعتقاده أن الشرف في أن ينتقم لنفسه، أو عرضه بإراقة هذه الكمية من الدم، ولا يبالي أن يسميه القانون بعد ذلك مجرما؛ لأن البيئة التي يعيش فيها لا توافق على هذه التسمية وهي في نظره أعدل من القانون حكما وأصدق قولا، يفسق الفاسق وفي اعتقاده أنه نفض عن نفسه بعمله هذا غبار الخمول والبله الذي يظلل الأعفاء والمستقيمين، وإنه استطاع أن يعمل عملا لا يقدم عليه إلا كل صاحب حيلة وشجاعة وإقدام........ هكذا يتصور الأدنياء أنهم شرفاء، وهكذا يطلبون الشرف ويخطئون مكانه، وما أفسد عليهم تصوراتهم إلا الذين أحاطوا