للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم من سجرائهم وخلطائهم، وذوي جامعتهم ... لولا فساد التصور ما جلس القاضي المرتشي فوق كرسي القضاء يفتل شاربه، ويصعر خديه، وينظر نظرات الاحتقار والازدراء إلى المتهم الواقف بين يديه موقف الضراعة والذل، ولا ذنب له إلا أنه جاع، وضاقت به مذاهب العيش فسرق رغيفا -ولولا فساد التصور ما تصور ذلك اللص الكبير أنه أشرف من هذا اللص الصغير، ولولا فساد التصور لوقف هذان اللصان في موقف واحد أمام قاض عدل يحكم بإدانة الأول؛ لأنه سرق مختارا ليرفه عيشه، وببراءة الثاني؛ لأنه سرق مضطرا لإنقاذ حياته من براثن الموت.

نماذج من شعره:

قال في الوجديات، وشعره فيها أشبه بشعر البدو:

سقاها وحيا تربها وابل القطر ... وإن أصبحت قفراء في مهمه قفر

طواها البلى طي الشحيح ردائه ... وليس لما يطوي الجديدان من نشر

مرابض آساد ومأوى أراقم ... تجاور في قيعانها الفيل بالجحر

يكاد يضل النجم في عرصاتها ... ويزود عن ظلمائها البدر من ذعر

لقد فعلت أيدي السواقي بنؤيها ... وأحجارها ما يفعل الدهر بالحر

وقفت بها وحشية الليل وقفة ... أثار شجاها كامن الوجد في صدري

ذكرت بها العهد القديم الذي مضى ... ولم يبق منه غير بال من الذكر

وعيشا حسبناه من الحسن روضة ... كساها الحيا منه أفانين من زهر

<<  <  ج: ص:  >  >>