للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام عليها بمؤلفاتهم الكثيرة, لم يجد المتأخرون من مبدأ القرن الثامن الهجريّ ما يظهرون به فضلهم إلا أن يلجأوا إلى ما بين أيديهم من الكتب فيختصروها منظومةً مرةً, ومنثورةً مرةً أخرى, وقد كانت موجزة اللفظ, بالغة التعقيد, ثم أخذوا يضعون لها الشروح والتفسير, ثم تلتهم طبقات الحواشي والتقريرات التي أغفلت اللباب وعُنِيَتْ بالقشور, وللأعاجم في هذه السبيل نصيب وافر من إيثارهم للاستطراد والتعقيد والاستغلاق, مما أضعف الملكات, وصرف الأذهان عن لُبِّ العربية وسر البلاغة.

في أوائل القرن الرابع عشر الهجريّ, حين رأى أهل الرأي هذا الخطر المتافقم, قرروا حظر قراءة الحواشي والتقريرات في الأزهر, وجعلها مقصورةً على المتون مع الشروح الواضحة في أسلوبها.

وقد كان في ميزانية الأزهر والمعاهد الدينية منذ عهد المصلح الخطير المرحوم الشيخ: محمد عبده, إلى زمن قريبٍ اعتمادٌ بخمسمائة جنيه, داخلة في فصل المصروفات المتنوعة, خصصت لتكون مكافآت تنهض همم مؤلفي الكتب التي يستوثق مجلس الأزهر العليّ من نفعها في التدريس, وهذا المبلغ الذي حُبِسَ لهذا الغرض, كان يمكن أن يذكي القرائح ويوفظ العزائم, ويعين على إيجاد نهضةٍ مثمرةٍ في تأليف الكتب العلمية, ولكن مما يؤسف له أن ظلَّ هذا المال يدرج في الميزانية كل عام دون أن يستغلَّ في هذه الغاية الجليلة, حتى تنبهت الحكومة إلى تعطيله, فأسقطته في ميزانية "١٩٢٣-١٩٢٤م" ولم تتضمنه الميزانية بعد ذلك, على رغم أنه منصوصٌ عليه في قانون الأزهر رقم ١٠ لسنة ١٩١١م.

ولا ريب في أن الكتب الأزهرية ثروةٌ علميّةٌ قيمةٌ، ولو أنها لقيت من حضرات المدرسين ما هي جديرة به من ضرورة التنقيح والتهذيب والإفصاح والإيضاح لتضاعفت ثمراتها, وأثمرت فائدتها.

وأهم وجوه الإصلاح التي تتطلبها هذه الكتب أن توضع لها الفهارس

<<  <  ج: ص:  >  >>