غنانا "صالح" ولست أدري أكانا مغنيا يرسل الصوت فيقع حقا في الآذان، أم ساحرا يتلعب بألبابنا، فيخيل إلينا أنا في الجنان، نتمايل على النسيم بين الآس والريحان، ونسمع من شدو القماري على أيكها أبدع الأنغام وأروع الألحان.
حدثني يا فتى -أي روض جاز به صوتك قبل أن يبلغني، وكم نسمة اختلطت به مما نفث فيه صب مشوق، وحمل عاشق من زفرات كبده إلى معشوق، حتى أخذ فينا كل هذا الأخذ، وفعل بقلوبنا كل هاتيك الأفاعيل.
آه -وفي آه لذة وألم، وفيها برء وسقم، وفي آه راحة وهناء، وفيها يأس وفيها رجاء.
أشاكر أنا أم شاك، وضاحك أنا أم باك، وراض أم غضبان، وسال أم ولهان وناعم أم بائس، وراج أم آيس؟
قد غرني أمري فسلوا صوته ونبئون.
يا ليل وما عساك تبغي من الليل؟ لقد نام الخليون، هنيئا لهم، وأمعنوا في المنام.
نعم، إن فيك يا ليل عيونا تسيل بالدم شئونا، وإن فيك يا ليل جراحات تفيض بالدمع عيونها، وكم فيك يا ليل من فؤاد تحلل نسما، وكم فيك يا ليل من أكباد تطايرت حسما، هذا عان يشكوا بثه وحزنه وأساه، وهذا صب يبثك وجده وجواه، وهذا مشدوه لا يتخذ الرفيق إلا من بين كواكبك، ونجومك وتلك والهة لا تجد الأنس إلا في وحشتك ووجومك.