للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا آثرته بتكرمتي، ولا أرسل يده إلى إلا أسرع بتقبيلها؛ لأني أرى في الشيخ عظيمًا، وإن لم ير غيري أن فيه عظيمًا.

هو شيخ طريقة وهو على صداقته، وملازمته لشيخ مشايخ الطرق لا نرى على ما يزعم شانئوه لطريقته في سجلات مشيخة مطرق الصوفية عينا ولا أثرًا.

ثم هو رجل جمع بين أقصى مطالب الدنيا، وأقصى مطالب الدين، فتراه كما يظهر الأصيل في حلقة الذكر يظهر العشاء في بار "ارستومين".

ثم هو سعدي وعدلي وحر دستوري، وحزب وطني واتحادي ومحايد، ومستقل وغير هؤلاء جميعًا.

ثم هو لا يفتر عن أداء حقوق القصر ولا يني عن التوافي في كل موسم لدار الوكالة الإنجليزية، ولا يترك جريدة السياسة إلا إلى بيت الأمة.

ثم هو يحسن العربية ويحكم الإنجليزية، فلا تعرف إن كان غربيا مستشرقا، أو شرقيا مستغربا.

ثم هو مصري وفي الوقت نفسه مطاف الجالية الفرنسية في مصر يتحدث عن أمورها، ويدلي بمهمتها في هذه البلاد، فلا تعرف أن كان عربيا مستعجما ثم هو إذ تقضيت أصله، وقصصت منشأه ومنجمه رأيته من المنوفية، ومن الشرقية ومن البحيرة، ومن الدقهلية ومن القيلوبية، ومن الجيزة ومن المنيا، ومن أسيوط ومن جرجا ومن قنا، ومن هؤلاء جميعا، وهو يلاغي بلغاهم جميعا فترى في لسانه حديث أهل البحيرة، وجشوبة١ منطق أهل الصعيد، فتسمعه إذا نادا "محمدا" قال: "يا محم"، وإذا عبر عن الفم قال: "الخشم".

هو ولا شك عصبة أمم تجول في قفطان وجبة.


١ جشوبة هي الغلظة والخشونة.

<<  <  ج: ص:  >  >>