هذا زمان لقد سادت أراذله ... قلنا لهم: هذه أيامكم "سودوا"
ويقول في شرحه على منظومة "العطار"
منظومة الفاضل العطار قد عبقت ... منها القلوب بريا نكهة عطره
لو لم تكن روضة في النحو يانعة ... لما جنى الفكر منها هذه الثمرة
في ظلمة الجهل لو أبدت محاسنها ... والليل داج أرانا وجهه قمره
قالوا جواهر لفظ قلت: لا عجب ... بحر البلاغة قد أهدى لنا درره
فأنت ترى أن تخفيفه من المحسنات البديعة أكسب شعره طلاوة، ولم ينفر الذوق منه، أو تتصرف النفس عنه.
ومما قاله وأسرف في الجناس فيه قوله:
فشمر الغصن عن الساق وقد ... جرد سيفا لرقابهم وقد
وقال جمري بكلامكم وقد ... أنا الذي أشبه أعطافا وقد
أحملكم وتجهلون قدري
"فقد" دارت كلمة "وقد" في هذه الأشطر خمس مرات بالواو وبغيرها، فكانت حرفا مقرونا بالواو في الشطر الأول، أما قوله:"وقد" في الشطر الثاني، فيحتمل أن يكون اسما بمعنى النار واقعا صفة لسيفًا أي سيفًا وهو النار لرقابهم، وأن يكون فعلا بمعنى اتقد أي سيفا اتقد، وقوله بكلامكم "وقد" محتمل أيضا المعنيين أي جمري نار أو اتقد، وقوله في الشطر الرابع: أشبه أعطافا، وقد جاءت فيه هذه الكلمة على معناها الحرفي مع الاقتران بالواو، وقد الأخيرة جزء من قدر المضاف إلى ياء المتكلم.
فقد أرهق الشاعر نفسه وشعره بهذه الكلمة التي وضعها خمس مرات في خمسة أسطر وضعا مختلفا فيه تهافت عبث بالمعنى وعقده، وتكلف ذهب بجمال الشعر وأفسده.
ولقويدر مزدوجات افتن في صياغتها، وبرع في نظمها إلا أنها محتملة كثيرًا