في أسرارها وتفهم دقائقها، واكتناه خفاياها حتى صار في العلم بها حجة ثبتا.
وقد قرأ الخط العربي والفرنسي في أقرب زمن مع انكفاف بصره، وهو حروف اصطلح عليها اصطلاحا جديدا تدرك بالجس باليد١.
وتولى تدريس الأدب وعلوم العربية بمدرسة دار العلوم، وتخرج على يديه طليعة الناهضين من أبنائها الشعراء والأدباء.
أثره في النهضة الأدبية:
الشيخ "حسين المرصفي" شيخ الأدباء في ذلك العصر، وأستاذ الطبقة الأولى من دار العلوم، فقد تخرج عليه طلائع النابهين في هذه المدرسة من أمثال "حفني بك ناصف"، وأترابه.
وكان قبلة الشعراء والأدباء في هذا العصر ينهلون من علمه، وأدبه، وينتفعون بتوجيهه وإرشاده، صاحبه ولازمه أعيان البيان العربي، فعرضوا عليه منظومهم ومنشورهم فنقح ما شاء له ذوقه وعلمه، وهذب كثيرا من بيانهم، وراضهم على ما تهدي إليه من الأدب العربي القديم الرصين.
انتفع بتوجيهه "عبد الله فكري باشا"، فكان أحد تلامذته الذين أفادوا منه، بل إن "البارودي" نفسه، وهو زعيم النهضة الشعرية، ورافع لوائها في العصر الحاضر كان أحد تلامذته الذين صاحبوه ولازموه، علم المرصفي زعيم الشعراء اللغة العربية الفصيحة، وهداه إلى الأساليب المجودة الفحلة، وعرض عليه شعره فهذبته قريحته التي صقلها الأدب العربي وطبعها بطابعه الجميل، وإن لصلة البارودي به لحديثا طريفا نمر به سراعا، ولكنا أفضنا فيه حين تكلمنا عن شعر الأزهر، وكيف أن الأزهريين كانوا أساتذة زعماء الشعر في العصر الحاضر.
وكان من أثره في الأدب فصوله الممتعة التي كان ينشرها في صحيفة