لقد سن المجمع طريقة لإكمال المواد اللغوية التي ورد بعضها، ولم ترد بقيتها حتى ينتفع بها يجيزه القياس من هذا.
إن كتب اللغة هي مثابة اللغويين والأدباء وغيرهم، وقد جمعت كثيرا وبينت كثيرا، وإن لبعضها إصلاحا مرشدا، ولكن فيها وراء ذلكم أصولا لم تذكر مشتقاتها، ومشتقات لم تذكر أصولها، وقد يذكر في بعض هذا أنه لا يقال كذا أو لا فعل لكذا، أو أن المصدر ممات، أو ما شأنه أن يمنع من سد الثلمة، ومرجع هذا الكلام العرب، والعرب أمراء الكلام يتصرفون فيه بالسليقة يتكلمون تارة بالكلمة، ومشتقاتها وتارة يتكلمون ببعض دون بعض، وطورا يحيون الكلمة يم يميتونها كالمرء يتذوق الشيء، فإذا لم يعجبه طعمه طرحه.
فهمنا هذا كما في كتب اللغة، وإن من اللغويين ذوي أحلام كشفوا الغطاء عن بعض ما نظن أنه محظور، فإذا هو مباح ولو من طريق القياس، فكان ذلكم من أسباب التكملة التي رآها المجمع، أما ترك الأمر على حاله، فإخفار لذمة اللغة.
ومن بحث في كتب اللغة بحث استقصاء، وكان بصيرا بأصول العربية والاشتقاق عرف مواطن الاتفاق والاختلاف، ومنزلة كل من المختلف فيه، وعرف أن كثيرا مما أشرت إليه يجوز في القياس، وإن لم تتكلم به العرب، فمما قيس على كلام العرب، ولم يمنع من التكلم به مانع كان من كلام العرب، فما وضعت أصول العربية والاشتقاق لما فاتوه، وإنما وضعت لما لم يقولوه.
لما رأى المجمع رأيه جعل المذكور في كتب اللغة سبيلا إلى غير المذكور، وآوى إلى ركن شديد مما حقق علماء العربية، فأزال توهم بعض الناس أن ما لم تنص عليه كتب اللغة مطروح، وأفاد أن أصول العربية هي الأدوات التي تستخرج بها الثروة اللغوية المذكورة.