قد يذكر اللغوي الكلمة التي من شأنها أن تشتق، أو يشتق منها ولا يذكر الأصل أو الفرع، أو يقول مثل كلمة كذا لا فعل لها، أو المصدر ممات أو لا تقل كذا، والفطين المستنبط لا يقف عند ذلك، بل ينبعث للإحاطة بأسبابه وتوسيع البحث عنه، والنظر في الاشتقاق وأصول العربية، فإذا سلك هذا المنهج رأى أن بعض المحظور يصير غير محظور، وأن الشيء قد يمنع من جهة، ولا يمنع من جهة أخرى، وأن هناك ما يقدر على القياس، ولا يتكلم به لوجود مانع، وأن هناك ما يؤتي به على القياس، ويتكلم به وإن لم تتكلم به العرب؛ لأنه لا مانع، وما قيس على كلام العرب وسلم من موانع الاستعمال فهو من كلام العرب، وعلماء العربية لم يضعوا أصولهم لما سمع من العرب، وإنما وضعوها لما لم يسمع.
ومما ألقاه في إحدى جلسات المجمع ما يأتي:
سادتي:
أتشرف بأن أقوم بينكم لألقي كلمة في القرارات السبعة التي رآها مجمع اللغة العربية الملكي في دور الانعقاد الثاني، وبيان مأخذها وسبيل الانتفاع بها، وما رآها إلا عن نظر صحيح وحجج قائمة، وقد دعت إليها الدواعي وبعثت عليها البواعث، وإن المجمع لا تفتر له همة عن خدمة اللغة، ومعالجة إنمائها بالاشتقاق وغيره، وقيامها بالأغراض التي يتطلبها الزمان مع المحافظة عليها، حتى لا يكون هناك ميل عن سنن الطريق.
وإذا كان المجمع نعمة على اللغة وأهلها من نعم صاحب الجلالة، مولانا المعظم أيده الله وأبقاه، فإن من شكر النعمة الدأب في العمل، وإن شاء الله رأى الناس أن الطل صار وابلا.
وإنما ألقى كلمتي في ضوء من بحوثي التي سمعها المجمع، وعول عليها عند النظر في المسائل.