هذه المؤلفات ثروة ذات خطر، وحبذا لو أتيحت مراجعتها، وطبعت لينتفع الناس بكنوزها.
نموذج من نثره:
مما نشر في الجزء الثاني من مجلة المجمع بعنوان "سبيل الاشتقاق بين القياس والسماع".
كان للعرب في الجاهلية كلام كثير، وشعر كثير لم يكن لهم علم أصح منه، ولم ينته إلينا جميع ما قالوه؛ لأن اعتمادهم كان على الرواية لا على دواوين معروفة، فإنهم كانوا أميين لا يعلمون الكتاب، ومن علمه منهم فهو قليل.
ولما جاء الإسلام لفت العرب عما كانوا عليه، وبهرهم القرآن بأساليبه وشغلهم بأحكامه، وتكاليفه، وغادر القادرون منهم الأرض الجرز إلى غيرها في شلمنون ساقتهم فشرقوا وغربوا إلى أن هلك منهم من لا يحصون موتا وقتلا، بيد أنه كان لمن بقي في بلاد العرب، ومن خرج فترات أو فرص حصل فيها إثبات طرف من الرواية، وطرف من الكلام والشعر عليه من الرونق ما لم يكن من قبل.
هذا ما صارت إليه لغة العرب من الكثرة، فلم ترثها من العرب إلا كما يرث الرجل من أبيه نحو الكفاف من الرزق.
ثم حدثت أطوار عبثت فيها يد الحدثان بطائفة من هذا، فبعضها أصابه الفناء، وبعضها أصابه التفريق، ولولا حسن التصرف وسعة الحيلة لكشفت الحاجة عن وجهها العابس.
إننا نجد مواطن غير تامة الإفادة، أو البيان في أمهات الكتب اللغوية التي بين أيدينا، وقد حشدت ما يرى كثيرا وهو قليل من الكثير الذي ذهب، ولو وصلت إلينا اللغة وافرة، لوجدنا طلبتنا فيما نحسب، ومن هذه المواطن ما انساقت إليه الفكرة الآن.