للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا إلى أن صلته بالفرنسيين, ومخالطته لهم, هذَّب تفكره, وصقلت قلمه, ونضجت آثارهم في كتابته التاريخية دقةً في التحرير, وإفاضةً في التصوير, واستيعابًا في سرد الحوادث, ونقدًا لكل ما يتصل بالأحداث والرجال.

وأما الشيخ حسن العطار, فيحدث عنه علي مبارك فيقول:

"جدَّ الشيخ في التحصيل حتى بلغ من العلوم في زمنٍ قليلٍ مبلغًا تميز به, واستحق التصدي للتدريس, لكنه مال إلى الاستكمال والاشتغال بغرائب الفنون, والتقاط فوائدها".

وغرائب الفنون هذه, هي: الطب, والرياضة, والفلك, وقد وضع فيها عدَّةَ رسائل, وتمّ عنها في غير موطن شعره، ولما جاء الفرنسيون إلى مصر اتصل بهم, فكان يستفيد منهم الفنون المستعملة في بلادهم, ويفيدهم اللغة العربية, ويقول: "إن بلادنا لابد أن تتغير أحوالها, ويتجدد ما بها من المعارف مما ليس فيها, ويتعجب مما وصلت إليه تلك الأمة من المعارف والعلوم, وكثرة كتبهم وتحريرها, وتقريبها لطرق الاستفادة"١.

فالشيخ حسن العطار كان مستعدًّا بفطرته ورغبته في الاستكمال والاشتغال, وغرائب الفنون إلى الاتصال بالفرنسيين؛ ليقف على حضارتهم, وعلومهم الحديثة, وثقافتهم الغربية, وهو علَّمَ الفرنسيين لغة العرب, وتعلَّم منهم لغتهم, وفي ذلك من تبادل الثقافة شيءٌ كثير؛ إذ أنه ينقل بالاتصال بهم وتعلم لغتهم طرفًا من علومهم ومعارفلهم, ويقف بالتفاهم معهم على جوانب من أخلاقهم ومعيشتهم وعاداتهم، وهم يعرفون بالتفاهم معه طرفًا من علم المصريين وأخلاقهم وعاداتهم ومعيشتهم ومعاملاتهم.

ولابد أن يكون الشيخ حسن العطار بعد ذلك صلةً بين الفرنسيين, عن طريق ما ينقله من علومهم وثقافاتهم؛ إذ أنه لولوعه بهذه العلوم سيتحدث بها


١ الخطط التوفيقية ج٣٨٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>