للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويغري غيره بتتبعها, ويتحقق به وبغيره من الأزهريين الذين كان لم مثل هذا الاتصال التأثر بالفرنسيين في ثقافاتهم وحضارتهم, قبل أن يتاثر بذلك غيرهم من الناس.

ويقول الأستاذ "أغناطيوس كراتشفويفسكي" الأستاذ بجامعة لننجراد:

"إن العرب لم يتأثروا بالتيارات الفكرية في أوربة, إلّا بعد الحملة الفرنسية "١٧٩٨-١٨٠١م" فإذا أردنا أن نبين مظاهر الثقافة الأوروبية التي تركت أثرًا أعمق من غيرها في التفكير العربيّ, ألفيناها في الوصف الذي أورده الجبرتي لأول مطبعة حروف, ورأيناه في أول مكتبةٍ نظمت على النمط الأوروبيّ في دار الشيخ حسن العطار, الذي أصبح فيما بعد شيخًا للأزهر, وأن في هذين المثلين فكرةً عن بعض العوامل التي قامت بدور هامٍّ في تكوين الأدب الحديث١".

وهذه هو المرحوم السيد اسماعيل الخشاب الشاعر, المتوفى سنة "١٢٣٠هـ" يُعَيِّنُه الفرنسيون كاتبًا لسلسلة التاريخ التي تسجل حوادث الديوان الذي أنشأوه, ويعهدن إليه في مشروع إنشاء صحيفة عربية يشرف على تحريرها, لولا أن القدرلم يرد صدورها؛ إذ بقي مرسومها معطَّلًا، ويمتزج غاية الامتزاج, ويصادق أبلغ الصداقة شابًّا فرنسيًّا من رؤساء كتابهم, كان جميل الصورة, لطيف الطبع, عالمًا ببعض العلوم العربية, مائلًا إلى اكتساب النكات الأدبية, فصيح اللسان بالعربيّ, يحفظ كثيرًا من الشعر، فلتلك المجانسة مال كلٌّ منهما للآخر, ووقع بينهما توادٌّ وتآلفٌ, حتى كان لا يقدر أحدهما على مفارقة الآخر, فكان المترجم "الخشاب" تارةً يذهب لداره, وتارةً يزوره هو، ويقع بينهما


١ مما ترجمه الأستاذ أمين حسونة النواوي في السنة الرابعة من مجلة الرحالة ص١٦٢٥ العدد ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>