للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم أثابه ودعا له، وأن الشعراء أنشدوا بين يديه واهتز لما أنشدوه، فهذه هي قتيلة أخذت النضر بن الحارث الذي كان غالبا في عداوة المسلمين بمكة يكثر أذاهم، ويلقن فتيان قريش الشعر في هجائهم أسره النبي في بدر وقتله، فجاءته أخته وأنشدته:

يا راكبا إن الأتيل مظنة ... من صبح خامسة وأنت موفق١

أبلغ به ميتا بأن تحية ... ما إن تزال بها النجائب تخفق٢

مني إليك وعبرة مسفوحة ... جادت بواكفها وأخرى تخنق٣

هل يسمعني النضر إن ناديته ... أم كيف يسمع ميت لا ينطق٤

ظلت سيوف بني أبيه تنوشه ... لله ارحام هناك تشقق٥

صبرا يقاد إلى المنية متعبا ... رسف المقيد وهو عان موثق٦

أمحمد ولدتك خير نجيبة ... في قومها والفحل فحل معرق٧

ما كان ضرك لو مننت وربما ... من الفتى وهو المغيظ المحنق٨

فالنضر أقرب من قتلت قرابة ... وأحقهم إن كان عتق يعتق

لو كانت قابل فدية لفديته ... بأعز ما يغلى به من ينفق٩


١ الأثيل واد قرب بدر، وهو الموضع الذي دفن به أخوها.
٢ تخفق كتضرب -تسرع.
٣ وكف المطر والد مع سال.
٤ أم للأضراب -أي بل إنه لا يسمع؛ لأنه لا ينطق.
٥ تنوشه -تتناوله.
٦ يقال: قتله صبرا -وصبر الإنسان على القتل أن يحبس ويرمى حتى يموت، العاني الأسير الموثق المقيد بالوثاق.
٧ الفحل -كناية عن الأب، والمعرق الأصيل.
٨ المحنق -المغتاظ من أحنقه إذا أغاظه.
٩ غلا بالشيء وغالى به -طلب فيه ثمنا غاليا أو اشتراه كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>