فمن حوارهم العلمي الذي اتخذ الشعر أسلوبا له ما وقع بين الشيخ "محمد الأمير"، والشيخ "العوضي" المتوفى سنة ١٢١٤هـ، إذ يقول الأول:
حي الفقيه الشافعي وقل له ... ما ذلك الحكم الذي يستغرب
نجس عفوا عنه فإن يخلط به ... نجس فإن العفو باق يصحب
وإذا طرا بدل النجاسة طاهر ... لا عفو بأهل الذكاء تعجبوا
ويجيبه الثاني بقوله:
حييت إذ حييتنا وسألتنا ... مستغربا من حيث لا يستغرب
العفو عن نجس عراه مثله ... من جنسه لا مطلقا فاستوعبوا
والشيء ليس يصان عن أمثاله ... لكنه للأجنبي يجنب
وأراك قد "أطلقت ما قد قيدوا" ... وهو العجيب وفهم ذلك أعجب
اقتباسهم من القرآن والحديث:
ومن الظواهر العامة في شعرهم إشراق القرآن في مجاليه، وظهوره في كثير من نواحيه، واقتباسهم من القرآن في شعرهم أمر طبعي؛ لأنهم أشد عناية بحفظ القرآن، ودراسة تفسيره واستنباط الأحكام الشرعية منه، واكتناها لأسراره وفهما لمغزاه، وتأدبا بأدبه وتذوقا لبلاغته، كما اقتبسوا من الأدب النبوي كثيرا من آياته البينات التي جرت على ألسنتهم من طول ما أخذوا من أحكامه الشرعية وآدابه الرفيعة، فمن اقتباسهم من القرآن قول الشيخ "حسن قويدر الخليلي":
فقال طب نفسا فقد زال الألم ... والصفو من كل الجهات قد ألم
كأنه يتلو على القلب ألم ... نشرح لك الصدر بهذه النعم