للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك مما دفعنا دفعا إلى مراجعة الصحف القديمة والمجلات المعاصرة له، وتتبع الكتب الأدبية المختلفة بما عساه أن يضم طرفا من شعره وجانبا من خبره، ونستطيع بعد أن تعبت أناملنا من التصفح والتقليب، وبعد العثور على جمهرة من قصائده المتنوعة أن نحكم على شعره جملة بأنه في المنزلة الوسطى من منازل الشعر١.

وكان القدر الأعظم من شعره في المدائح، فلقد اصطفاه "إسماعيل"، وخلع عليه لقب "شاعر الخديو" ولازمه ونادمه، كما أدناه "توفيق" وأحله مكانة من نفسه، وقد دعاه ذلك إلى أن ينظم فيهما مدائحه ملتمسا لها شتى المناسبات آية على ولائه ودليلا على وفائه، كما مدح المطصفين لهذين الأميرين من ذي جاه أو شفاهة أو حظوة لديهما، وكان "الليثي" حريصا في هذه المدائح وخاصة ما لإسماعيل وتوفيق على أن يجودها، ويكسوها حلة من الروعة وجمال الشعر، ولكنه على كل حال يدور فيها جميعا مع تباين أسبابها على معان متقاربة وطريقة متشابهة، فهو يبدأ بالغزل متأنفا في صوغه لينتقل منه إلى مدح الأمير حاشدا من معانيه، وألوانه ما شاء له الأسلوب، وما واتته القريحة واستتبع مدحه الأميرين الذي هو ثمرة لصلته بهما، وحدبهما عليه أن يقول مهنئا أو مواسيا، أو معزيا، فإن وفاءه الباعث على الإطراء والمديح هو نفسه الدافع على قرض الشعر في كل ما جل أو هان من مختلف المناسبات.

ولقد جهدت فيما تتبعته من الشعر كي أعثر على المنادمة في شعره، وأتبين أثر هذا الفن لأرى ما أبدع منه في نظمه، فلم يواتني منه شيء، فلعلها كانت منادمة مجلس وسمر يصورها حديثا يرويه، وقصة يسوقها ونكتة يرسلها ونادرة يفاكه بها، وبديهة مواتية لا تستلزم الشعر أسلوبا ولا أداة.


١ المفصل ج٢ ص٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>