للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عباس الثاني:

تولى سنة "١٨٩٢م":

انتهت الثورة العرابية بأن نفى أعلام الأدب, وتقلص ظله, وانقبض عنه أهله، وانزوى أنصار العلم واللغة والأدب بعيدين من حياة الجَدِّ والمثابرة, ففترت النهضة العلمية والأدبية، واتجه التعليم وجهة جديدةً, ضعفت فيه العناية باللغة, وجعلت اللغة الإنجليزية لغة التدريس لمعظم العلوم، وأصبح التعليم أداةً لتخريج موظفين للحكومة, مشايعًا لنظم الاحتلال ومناهجه.

ولكن الله قيَّضَ للأمة عصرًا تحيا فيه بعد موت, وتزدهر فيه إثر ذبول, فهبَّت العناصر الرشيدة تطالب بسيادة لغتها, وإصلاح تعليمها, وفزعوا إلى منابر الصحافة يدعون فيها إلى التحرر من هذا الجمود, ويستنهضون العزائم لإنشاء المدارس الحرة؛ فأسس منها طائفة تكفلت بتعليم الشعب, وإنارة أفكاره, وكان في طليعة ما أثمرته هذه الجهود, إنشاء الجامعة المصرية في سنة "١٩٠٦" ورحل بعض المتعلمين إلى أوربا فنهلوا من ثقافتها, ثم عادوا ينشرونها في بلادهم، ونهضت الصحافة والقضاء والمحاماة والحياة الاجتماعية، وثار الأزهريون ثورتهم لتعديل مناهج الأزهر, وتقدير شهاداتهم ومؤهلاتهم.

بعد عباس:

وقد راجت حركة التعليم, وارتقت العلوم والآداب والفنون, فوصل إلى مبلغٍ لم تصل إليه في أطوارها من قبل, سواءً في نوع التعليم, أو عدد المدارس المنشأة, أو التوفر على الدراسة العليا في مصر, وفي الغرب.

وفي عهده فرض التعليم الأوليّ على كل مصريّ ومصرية في الخامسة من عمرها، واضطلعت وزارة المعارف بإنشاء طائفةٍ من المدارس المنبثة في مدن القطر وقراه لهذه الغاية بالمجان, وزيدت نسبة المدارس الابتدائية والثانوية, أميرية وحرة, واحتفل بالتعليم الفني, فانشئت له المدارس المتوسطة والعالية، واتسع نطاق التعليم بما يكفل حاجة الشعب في نهضته الواسعة.

وتولت وزارة المعارف الجامعة, وقد كان الأمير فؤاد رئيس شرفها حين

<<  <  ج: ص:  >  >>