للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكد يلتفت الخديو توفيق إلى الإصلاح يدبر أمره, وإلى التعليم يسهر عليه, حتى اندلعت نار الثورة العرابية في سنة "١٨٨١م" فاضطربت البلاد, واستعرت الفتن، وقد كانت هذه الثورة نتيجةً للشعور بالكرامة واليقظة الوطنية, وكان مما أعان عليها تسامح توفيق, وتمتع الناس بقسطٍ وافرٍ من الحرية في عهده، وليس بخافٍ ما أحدثته الثورة من انطلاق الفكر, واتساع مجال القول, وارتقاء الخطابة, وانتظام السياسة في أغراض الشعر, وهي من أهم مقوماته.

ارتياحه للأدب والأدباء:

وقد أُثِرَ عنه أنه كان مغرمًا بالشعر يرتاح إليه ويكافئ عليه، ذكر عبد الله باشا فكري إنه جمع للخديو توفيق بأمره أبياتًا من الحكم والأمثال وجوامع الكلم؛ لتكون له زينةً في المسامرة, وهونًا على المطارحة والمحاضرة, ومرشدًا لمحاسن السجايا الفاخرة.

كتابي توجه وجهة الساحة الكبرى ... وكبَّر إذا وافيت واجتنب الكبرا

وقِفْ خاشعًا واستوهب الإذن والتمس ... قبولًا وقَبِّلْ سدة الباب لي عشرا

وبلِّغ لدى الباب الخديوي حاجة ... لذي أملٍ يرجو له البشر والبشرى

فما لبث أن تهلل له وعفا عنه, ورَدَّ إليه ما قطع من معاشه.

وكذلك عفا عن السيد عبد الله نديم خطيب الثورة العرابية حين مثل بين يديه, بعد أن جَدَّ الخديو في القبض عليه, ورصد ألف جنيه لمن يعثر عليه.

وقد ندب توفيق عبد الله فكري باشا لتمثيل مصر في مؤتمر المستشرقين في "استكهلم" فأنشد فيه شعره, وكان ذلك آيةً على ارتياح الخديو للأدب.

وحدث المرحوم أحمد شوقي بك أن توفيقًا أمره أن يلجأ إليه في كل ما يحتاج إليه, دون أن يتوجه إلى أبويه بشيءٍ مما عساه أن يكون من مطالبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>