ويقول الأستاذ "عباس العقاد" أن "المرصفي" أستاذ البارودي، وحافظ وقدوتهما في الرأي والنقد، وتذوق الكلام١.
ويقول المفصل:"وأخذ عن "المرصفي" كبار المتأدبين في عصره من البارودي، فصاحبوه ولازموه، وعرضوا عليه بيانهم فهدى ونقح وهذب".
"والمرصفي" حين يتحدث عن "البارودي" يدل على أن "البارودي""تلقى عنه وتعلم منه، فإنه يقول": إن "البارودي" لم يقرأ كتابا في فن من فنون العربية غير أنه لما بلغ سنة التعقل، وجد من طبعه ميلا إلى قراءة الشعر وعمله، فكان يستمع
لبعض من له دراية، وهو يقرأ بحضرته حتى تصور في برهة قصيرة هيئات التراكيب العربية، ومواقع الموفوعات منها والمنصوبات، والمخفوضات حسبما تقتضيه المعاني والتعلقات المختلفة، فصار يقرأ ولا يكاد يلحن"، ولم نعرف أن "البارودي" اتصل بغير "المرصفي" ممن له دراية، أو قرأ بحضرته دواوين الشعر.
ويقول: وسمعته مرة يسكن ياء المنقوض والفعل المعتل بها المنصوبين، فقلت له في ذلك، فقال: هو كذا في قول فلان، وأنشد شعرا لبعض العرب، فقلت: تلك ضرورة، وقال علماء العربية: إنها غير شاذة، ثم استقل بقراءة دواوين مشاهير الشعراء من العرب وغيرهم حتى حفظ الكثير منها دون كلفة، واستثبت جميع معانيها ناقدا شريفها من خسيسها، واقفا على صوابها وخطأها، مدركا ما ينبغي وفق الكلام وما ينبغي١.
"فالمرصفي" يتحدث عنه حديث خبير به، ويدل على أن "البارودي" كانت له معه دراسة، وانتفاع وأن "المرصفي" كان يراجعه، ويوجهه وينقده وما أظن إلا أن "البارودي" قرأ هذه الدواوين الضخمة عليه، وسمعه ينقدها ويعلق عليها، ويبدي رأيه فيها -"والبارودي" يقدر صلته بأستاذه، وبفي حق الوفاء له، يقول "المرصفي": وكان حرسه الله كتب لأبناء وده كتبا، وهو في