للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شوقي وكتاب الوسيلة الأدبية:

وما دمنا بصدد انتفاع أعلام الشعر بأساتذة الأزهر، وجهودهم الأدبية في هذا العصر، فقد يطيب الحديث عن هذا الكتاب الذي نهل منه "شوقي"، و"حافظ" وكان الكتاب الأول الذي راض خيال شوقي، وصقل طبعه، وصحح نشأته الأدبية، كما كانت منه بصيرة "حافظ".

وليس سر هذا الكتاب ما فيه من فنون البلاغة، ومختارات الشعر والكتابة فقد كان ذلك في مصر قديما، ولم يخرج لها شاعر مثل شوقي، ولكن السر في هذا الكتاب من شعر "البارودي"؛ لأنه معاصر والمعاصرة اقتداء ومتابعة، وقد تقضت القرون الكثيرة، والشعراء يتناقلون ديوان المتنبي وغيره، ثم لا يجيئون إلا بشعر الصناعة والتكلف، ولا يخلد الجيل منهم إلا لما رأى في عصره، ولا يستفتح غير الباب الذي فتح له إلى أن كان البارودي، فجاء بذلك الشعر الجزل الذي نقله "المرصفي" بإلهام من الله تعالى ليخرج للعربية "شوقي وحافظ"، وغيرهما، فكل ما في الكتاب أنه ينقل روح المعاصرة إلى روح الأديب الناشيء، فتبعثه هذه الروح على التمييز وصحة الاقتداء، فإذا هو على ميزة وبصيرة، وإذا هو على الطريق التي تنتهي به إلى ما في نفسه ما فيه ذكاء وطبع، وبهذا ابتدأ "شوقي وحافظ" من موضع واحد، وانتهى كلاهما إلى طريقة غير طريقة الآخر١.


١ من مقال للمرحوم مصطفى صادق الرافعي في المقتطف الصادر في ٢ من رجب سنة ١٣٥١ "أول نوفمبر سنة ١٩٣٢م".

<<  <  ج: ص:  >  >>