للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتدفعه دفعًا إلى أن يوفد نفرًا من النابهين لينهلوا من آداب الغرب وعلومه وحضارته, بطريقٍ مباشرٍ, ويحذقوا لغاته, ويبصروا بتجاربه, ويكونوا غدًا أساتذةً للنهضة, وقوامًا على الحياة المستقبلة, توسد إليهم ساميات المناصب, ويولون إدارة المدارس والدواوين, ويترجمون كتبًا قيمةً, وفنونًا محدثةً, وآدابًا جديدةً, بل ينقلون إلى الأمة صورة من الغرب الناهض.

برنامج البعوث:

وقد رسم "محمد علي" طرفًا من المناهج الذي تسير عليه البعوث, والدوافع التي دفعت إلى إرسالها, وذلك حيث قال للدكتور "بورنج" مندوب الحكومة الإنجليزية:

"إن أمامي الشيء الكثير لأتعلمه, وكذلك شعبي, فأنا مرسلٌ إلى بلادكم أدهم بك, ثاني مدير لديوان المدارس, ومعه خمسة عشر شابًّا مصريًّا ليتعلموا ما يمكن بلادكم أن تعلمه، فعليهم أن ينظروا إلى الأشياء بأنفسهم، وأن يمرنوا على العمل بأيديهم, وعليهم أن يفحصوا مصنوعاتكم جيدًا, وأن يكشفوا عن أسباب سبقكم ورقيكم, حتى إذا ما أمضوا وقتًا كافيًا في بلادكم, عادوا إلى بلادهم, وعلّموا شعبي.

نفقات البعوث:

وكان "محمد علي" سخيًّا جوادًا في الإنفاق على هذه البعوث, حريصًا على أن يكونوا في مظهر كريم، وهذا هو المرحوم الشيح: رفاعة, الذي كان إمامًا لبعث سنة ١٨٢٦م يقول:

"إننا كنَّا نُعَدُّ من الموسرين لتجملنا بالملبس الغريب عندهم, لنسبتنا لولي النعم, ولكثرة هذا الإنفاق في تعليمنا وغيره من سائر ما ذكرنا, كان ناظر التعليم, أو الضابط, يذكرنا به في أغلب الأوقات لنجتهد١.


١ تخليص الإبريز لرفاعة بك ص١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>