للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعوث محمد علي:

وقد بلغ عدد البعوث التي أُرْسِلَت في عهد محمد علي أفرادًا وجماعات, بين سنة ١٨١٣ و١٨٤٩- ٣١٩ شخصًا, أنفق عليهم ١٢٢٣٢٣٣ جنيهًا١.

عمد إلى نوابغهم فاتخذ منهم معلمين في المدارس, ومترجمين بها, وأطباء للجنود, وموظفين للحكومة, وعمالًا في الإدارة.

سن التلاميذ المبعوثين:

كان مما اقتُرِحَ على محمد علي, أن يرسل مبعوثيه إلى أوربا, وهم في سنة التاسعة, ورأى القائمون على شئون البعوث أن هذه السن هي التي تؤهلهم للنجاح في دراستهم, وأنهم بذكائهم ونشاطهم وسرعة استجابتهم لنداء المجتمع الجدّي, يكونون أقدر من غيرهم من الكبار الذين خلعوا رداء الشباب, واستقبلوا عهد الرجولة, وتكونت له عادات في العمل والتفكير, قد يكون العدول عنها عسيرًا عليهم٢.

وقد يكون لهذا التعليل حظٌّ من الوجاهة, إلّا أن المبالغة في صغر السن خطل في الرأي, فليس من الحكمة أن نوفد إلى بلاد الغرب صغارًا في التاسعة من عمرهم لهذه الرسالة الخطيرة, وذلك العبء العظيم. فهؤلاء الصبيان لا يجدون من الحكمة والعقل ما يحصنهم في هذه البيئة, ومن السهل أن تجذبهم إليها فيذوبوا في مجتمعها, ويفقدون قوميتهم, ولا يكونوا ثقاتٍ فيما ينقلون من علم, وما يضطلعون به من عمل, وهم غير أهلٍ لأن يشعروا بشعور بلادهم, ويفيدوا الفائدة التي ترجى منهم, ويحققوا الآمال التي تناط بهم.

وجميل حقًّا أن يتفطن محمد علي لخطر البعوث في هذه السن, وأن يخالف هؤلاء المشرفين على شئون البعوث, كتب إلى ابنه- إبراهيم باشا- حين طلب إليه بعض الإنجليز أن يرسل إلى انجلترا أولادًا في سن الثانية عشرة, والثالثة عشرة؛ ليتعلموا البحرية فقال:


١ تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان ج٤ ص٣١.
٢ تاريخ التعلم في عهد محمد علي للأستاذ أحمد عزت عبد الكريم ص٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>