للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"إن إيفاد مثل هؤلاء الأولاد إلى إنجلترا سيدعو إلى ضحك الأوربيين, كما أنه سيتعذر على هؤلاء التلامذة أن يعودوا إلى تعلم القراءة والكتابة بلسان وطنهم, وأنه بما بذل من جهد في سبيل التقدم, وترك القديم البالي من العرف المصريّ, نكون بهذا العمل -إيفاد أولاد صغار لا يعرفون القراءة والكتابة بلغة بلادهم- قد أثبتنا أننالم نترك العقلية المصرية القديمة١.

واشتراط في المبعوثين إلى باريس لتعلم فنِّ المحاماة فيما اشترطه -أن يكون كلُّ منهم فيما بين العشرين والثلاثين من السن٢.

وقد أوشكت فكرة إرسال تلاميذ من صغر السن إلى أوربة أن تنفذ في أواخر عصر محمد علي, يقول أرتين باشا" إن "نوبار" وكان سكرتيرًا لإبراهيم باشا في رحلته الأخيرة إلى فرنسا, أظهر لمولاه جميع المساوئ والعيوب الناشئة من النظام المتبع؛ من حيث اجتماع التلاميذ في مكان واحد، وأشار عليه بأن لا يرسل إلى أوروبة إلّا أطفالًا, تتراوح أعمارهم بين الثامنة والتاسعة, ويقول: إن إبراهيم باشا انحاز إلى رأي سكرتيره "نوبار" وإنه لما رأى أن التربية لا تجد عناية بالمدارس المصرية, فكَّر في أن يرسل إلى أوربة فريقًا من التلاميذ الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين الثامنة والعاشرة, حتى يكون للبلاد نخبة من الشبان الذين درسوا دراسة تامة في أوربة, وتشبعوا بالتربية الأوربية, ويقول أيضًا: إن نوبار حاول مرةً أخرى تنفيذ هذه الآراء لدى الخديو إسماعيل, ولكن المدرسة المصرية بباريس أعيدت على مثال المدرسة الأولى في عهد محمد علي, وفي سنة ١٨٨٤ وافق الخديو توفيق على آراء وزيره نوبار, وحثَّ على إرسال التلامذة الصغار إلى أوربة, وكان قدوةً في ذلك؛ إذ أرسل نجليه الأميرين عباس ومحمد عليًّا إلى سويسرا وعمر الأول اثنا عشرة وعمر الثاني عشر سنوات, وأخيرًا عادت الفكرة منذ سنوات, وأخذت بها الجامعة المصرية القديمة, ولأنها لم تنجح رُئي العدول عنها.


١ دفتر ٣٧ "معية" رقم ٤٨٧ إلى إبراهيم باشا.
٢ الوقائع المصرية الصادرة في ٢٤ من شوال سنة ١٣٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>