للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذلك يقول المرحوم الشيخ عبد العزيز البشري:

"فهذا رفاعة الأزهريّ يعود من فرنسا بعد المقام فيها مع إحدى البعثات بضع سنين, وإنه ليقوم في جماعةٍ من لداته وتلاميذه على قلم الترجمة, وقد راحوا يصبون ألوان الصيغ والمصطلحات في شتى العلوم والفنون, يتوسلون إلى هذا بالبحث فيما أُثِرَ عن الأقدمين تارة بالاشتقاق, وأخرى بالتعريب, وأحيانًا بغير أولئك من وسائل الدلالات, واللغة تتئد في معاناتهم مرةً, وتخف في التيار مرةً, على أنها في الحالين واتت بقدرٍ ما مطالبَ العلم الحديث, فحقق جهدهم فيها وجهدها معهم ما كاد يصل الظن بجملة المستحيل١.

أثر الأزهريين في الترجمة والتأليف:

نهض تلامذة مدرسة الطب بترجمة العلوم الغربية في هذه المدرسة، وبدأ بهذا العمل بها فخر الأزهر المرحوم: رفاعة بك, وكان جل طلبة هذه المدرسة من الأزهريين؛ إذ اعتمدت عليهم في مستهلِّ نشأتها, وكانوا فيما بعد أعلام الطب في مصر.

وقام بالترجمة في مدرسة الألسن رفاعة بك الذي أشرف على قلم الترجمة, ووجَّه القائمين به, وأشار بالكتب التي ترجموها, وكان عماد هذه المدرسة الأزهريين الذين كانوا مثلًا رفيعًا للطلبة في نباهة الشأن وطول المثابرة.

أخرج رفاعة بك وتلامذته الأزهريون ثمراتٍ طبيةٍ مما عرَّبوه من علوم الغرب وآدابه وفنونه، ولما اقتدر هؤلاء الطلاب على التأليف في الثقافة المحدثة, كان رفاعة بك معلهم ومشجعهم وهاديهم إلى هذا الغرض الجليل, فأخرج وأخرجوا معه كتبًا في علوم الغرب وآدابه, فسهَّل بها اطلاع الناس على هذا الثقافات, وتزودوا منها, وأفادوا بها, ووجد كلُّ متأدب بغيته من هذه الثقافة التي أصبحت الترجمة والتأليف مُعَبَّدَة السبيل, سهلة المنال


١ المختار للأستاذ عبد العزيز البشري ج١ ص٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>