للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا علم العبد بأنَّ الله سميعٌ بصيرٌ عليمٌ لا يخفى عليه مثقالُ ذرةٍ في السموات والأرض، وأنَّه يعلم السرَّ وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تُخفي الصدور، وأنَّه تبارك وتعالى أحاط بكلِّ شيء علماً، وأحصى كلَّ شيء عددًا، فمن عرَّف نفسه باطلاع الله عليه ورؤيته له وإحاطته به، فإنَّ ذلك يُثمرُ له حفظ اللسان والجوارح وخطرات القلب عن كل ما لا يُرضي الله، وجَعْلَ تعلّقات هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه.

قال الله تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ يَرَى} ١، وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالمِرْصَادِ} ٢، وقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ٣، وقال تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} ٤، وقال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ} ٥، فلا ريب أنَّ هذا العلم يورث عند العبد خشيةَ الله ومراقبتَه والإقبالَ على طاعته والبعدَ عن مناهيه.

قال ابن رجب: "راودَ رجلٌ امرأةً في فلاة ليلاً فأبت، فقال لها: ما يرانا إلا الكواكب فقالت: فأين مُكَوكِبُها"٦. أي أين الله ألا يرانا، فمنعها هذا العلم اقتراف هذا الذنب والوقوع في هذه الخطيئة.

وإذا علم العبد بأنَّ الله غنيٌّ كريمٌ، بَرٌّ رحيمٌ، واسعُ الإحسان، وأنَّه تبارك وتعالى مع غناه عن عباده فهو محسنٌ إليهم رحيمٌ بهم، يريد


١ سورة العلق، الآية: (١٤) .
٢ سورة الفجر، الآية: (١٤) .
٣ سورة الحجرات، الآية: (١) .
٤ سورة فصلت، الآية: (٤٠) .
٥ سورة البقرة، الآية: (٢٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>