للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهم الخيرَ، ويكشف عنهم الضرَّ، لا لجلب منفعة إليه من العبد، ولا لدفع مضرة، بل رحمةً منه وإحساناً، فهو سبحانه لم يخلق خلقه ليتكثّر بهم من قلّة، ولا ليعتزّ بهم من ذِلَّة، ولا ليرزقوه ولا لينفعوه، ولا يدفعوا عنه كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِن رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينِ} ١، وقال تعالى: {وُقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} ٢، وقال تعالى فيما رواه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: "يا عبادي إنَّكم لن تبلُغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلُغوا ضَرِّي فتضروني"٣.

فإذا عَلِم العبد ذلك أثمر فيه قوَّةَ الرّجاء ـ قوَّةَ رجائه بالله ـ وطمعه فيما عنده، وإنزال جميع حوائجه به، وإظهار افتقاره إليه واحتياجه له {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمْ الفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ} ٤، والرجاء يُثمر أنواعَ العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفة العبد وعلمه.

وإذا علِم العبدُ بعدلِ الله وانتقامه وغضبه وسخطه وعقوبته فإنَّ هذا يثمر له الخشية والخوفَ والحذرَ والبعدَ عن مساخط الرب، قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ} ٥، وقال الله


١ سورة الذاريات، الآيات: (٥٦ ـ ٥٨) .
٢ سورة الإسراء، الآية: (١١١) .
٣ جزء من حديث أبي ذر رضي الله عنه، أخرجه مسلم في صحيحه (برقم:٢٥٧٧) .
٤ سورة فاطر، الآية: (١٥) .
٥ سورة البقرة، الآية: (١٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>